1 / 32

علم علل الحديث أهميته وأثره على العلوم الأخرى

علم علل الحديث أهميته وأثره على العلوم الأخرى. د/ فايزة بنت أحمد بافرج أستاذ مساعد بجامعة أم القرى كلية الدعوة وأصول الدين تخصص الكتاب والسنة. الأهــداف. 1) إثبات تاريخ بدء هذا العلم . 2) بيان أهمية علم العلل. 3) إثبات جهود علماء السنة فيه . 4) بيان أثره في خدمة العلوم الأخرى.

solana
Download Presentation

علم علل الحديث أهميته وأثره على العلوم الأخرى

An Image/Link below is provided (as is) to download presentation Download Policy: Content on the Website is provided to you AS IS for your information and personal use and may not be sold / licensed / shared on other websites without getting consent from its author. Content is provided to you AS IS for your information and personal use only. Download presentation by click this link. While downloading, if for some reason you are not able to download a presentation, the publisher may have deleted the file from their server. During download, if you can't get a presentation, the file might be deleted by the publisher.

E N D

Presentation Transcript


  1. علم علل الحديث أهميته وأثره على العلوم الأخرى د/ فايزة بنت أحمد بافرج أستاذ مساعد بجامعة أم القرى كلية الدعوة وأصول الدين تخصص الكتاب والسنة

  2. الأهــداف 1) إثبات تاريخ بدء هذا العلم . 2) بيان أهمية علم العلل. 3) إثبات جهود علماء السنة فيه . 4) بيان أثره في خدمة العلوم الأخرى .

  3. المعنى الاصطلاحي لعلل الحديث :- عرفه ابن الصلاح : [ عبارة عن أسباب خفية غامضة قادحة في الحديث ] فالحديث المعلل هو : الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحته ، مع أن الظاهر السلامة منها ، ويتطرق ذلك إلى الإسناد الذي رجاله ثقات ، الجامع شروط الصحة من حيث الظاهر

  4. موضوع علم علل الحديث يختص هذا العلم برواية الثقات للأحاديث الصحيحة ، وتحمل بين طياتها أسباباً خفية على عامة الناس ؛ وأكثر المحدثين ، ولا يعلمها إلا قليل من الحفاظ ؛ جهابذة العلم ، وأطباء الحديث ؛ ليكشفوا ما يعرض للرواة الثقات من خطأ أو وهم ، يقدح في صحة الحديث، قال ابن رجب (ت 795هـ ) : [فالجهابذة النقاد العارفون بعلل الحديث أفراد قليل من أهل الحديث جداً ].

  5. نشأة علم علل الحديث العصر النبوي: نشأ منذ عصر النبي  ، لأن علم العلل يستند على منهج التثبت من الخبر ؛ الذي وضعت أسسه الشريعة الإسلامية في قوله تعالى  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا  ، فقد كان الصحابة  يتثبتون من الخبر الذي بلغهم عن رسول الله  ، ومما ورد في ذلك:-

  6. عن أنس بن مالك  أنه جاء رجل من أهل البادية فقال : (( يا محمد ، أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك؟ قال : صدق ، قال : فمن خلق السماء ؟ قال : الله ، قال : فمن خلق الأرض ؟ قال : الله، قال فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل ؟ قال: الله ، قال : فبالذي خلق السماء ، وخلق الأرض ، ونصب هذه الجبال ، آلله أرسلك ؟ قال : نعم ، قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا ؟ قال : صدق ، قال : فبالذي أرسلك ، آلله أمرك بهذا ؟ قال : نعم ........)) وكانوا يتثبتون من رسول الله ، وليس في ذلك تكذيب للصحابة، وإنما زيادة استيثاق واطمئنان ، لاحتمال خطأ أو وهم من الناقل للخبر .

  7. عصر الصحابة كان للصحابة منهجاً للتثبت من حديث رسول الله  : كان الخليفة أبو بكر الصديق  يستشهد بشاهدين ، ومما أثر عنه  رواية قبيصة بن ذؤيب قال : (( جاءت الجدة إلى أبي بكر  بعد رسول الله  فقالت : إن لي حقاً ، إن ابن ابني ، أو ابن ابنة لي مات ، قال : ما علمت لك في كتاب الله حقاً ؛ ولا سمعت من رسول الله  فيه شيئاً ، وسأسأل الناس، فسألهم ، فشهد المغيرة بن شعبة، أن رسول الله أعطاها السدس ، قال : من سمع ذلك معك ؟ فشهد محمد بن مسلمة ، فأعطاها أبو بكر السدس )).

  8. عصر التابعين نشأ علم الإسناد في بداية عصر التابعين حيث بدأ السؤال عن السند ، وفيه عن ابن سيرين قال : [ لم يكونوا يسألون عن الإسناد ، فلما وقعت الفتنة ، قالوا : سموا لنا رجالكم ، فينظر إلى أهل السنة، فيؤخذ حديثهم ، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم ] وعدّه ابن المبارك من الدّيِن فقال : [الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ] .

  9. 2) في بداية القرن الثاني في عهد الخليفة الزاهد عمر بن عبدالعزيزالمتوفي سنة (101هـ ) توجهت جهود علماء الإسلام نحو جمع الحديث وتدوينه . فكان أول من جمع في مكة المكرمة : ابن جريج ت(150هـ) ، وابن إسحاق ت(151هـ) وفي المدينة : سعيد بن أبي عروبة ت(156هـ) والإمام مالك ت( 179هـ)

  10. ونشأت علوم أخرى لخدمة رواية حديث رسول الله  ، من حيث توثيق نصه ، وتقويم نقلته ، والبحث عن طرق تحمله وأدائه ، ، وقد تشعبت تلك العلوم وتنوعت موضوعاتها تبعاً لتكاثر النقلة ، وتباعد أمكنتهم وأزمنتهم ، واختلاف ظروف تحملهم وأدائهم ، وتنوع مراتبهم ودرجاتهم ونحوه.

  11. القرن الثالث الهجري يعتبر العصر الذهبي في تاريخ تدوين السنة ، حيث ظهر فيه أئمة الحديث وأعلامه من المحدثين والنقاد ، أخذوا يجمعون الحديث وفق منهج علمي ، فمنهم من قام بإفراد حديث النبي  عن آثار الصحابة والتابعين ، ومنهم من خص مصنفاته بتدوين الحديث الصحيح فقط ، بل منهم من انتقى من الصحيح أصحه مثل : شيخ الحفاظ وأستاذ الأستاذين وإمام المحدثين ونقاد الحديث، محمد ابن إسماعيل الجعفي البخاري ت ( 256هـ) وصنف كتاب ( الجامع المسند الصحيح المختصر في أمور رسول الله  وسننه وأيامه ) والمشهور بـ( صحيح البخاري ) .

  12. والإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري ت ( 261هـ) ، في كتابه ( الجامع الصحيح ) ، وإن خف شرطه في كتابه ، واكتفى بصحة الحديث . وكان منهجهما بإفراد الحديث الصحيح عن غيره ، قد قرب لطالب العلم ، والباحث عن الحديث الصحيح أن يصل لحاجته بدون عناء، وفتح بابا للمحدثين من بعدهم ، بتخصيص مصنفاتهم لنوع من أنواع الحديث . وازدهرت حركة التصنيف المنهجي في هذا العصر للحديث،المبني على نقد الحديث ومعرفة علله ، وظهرت الكتب المتعددة من موطآت ، ومصنفات ، ومسانيد، وجوامع ، ومستدركات ومستخرجات ، ومعاجم وأجزاء وظهرت مصنفات في الموضوعات في الحديث الشريف ، ونحوه.

  13. أهمية علم علل الحديث :- أنه علم مستقل ، غير علم الجرح والتعديل ، قال الحافظ الحاكم النيسابوري : [ هو عِلم برأسه غير الصحيح والسقيم، والجرح والتعديل ]. 2) أنه علم يكشف الغلط والوهم في رواية الثقة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في أهل الحديث : [ أنهم يستشهدون ويعتبرون بحديث الذي فيه سوء حفظ،فإنهم أيضا يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط أشياء ، تبيّن لهم أنه غلط فيها بأمور ، يستدلون بها ويسمون هذا ( علم علل الحديث ) وهو من أشرف علومهم ].

  14. 3) أنه فهم خاص ، وإلهام يؤتى لمن كان له سبر طويل في طلب الحديث ، وعلم الرجال، وسائر علوم الحديث ، وأكثر من ممارسته ، وامتاز بقوة حفظ ، ودقة ملاحظة ، وعمق في التفكير ، وبُعد نظر ، ولهذا لم يبرع فيه إلا قليل من الحفاظ . قال المعلميُّ:[ وهذه الملكة لم يؤتوها من فراغ، وإنما هي حصاد رحلة طويلة من الطلب ، والسماع ، والكتابة ، وإحصاء أحاديث الشيوخ ، وحفظ أسماء الرجال ، وكناهم ، وألقابهم ، وأنسابهم ، وبلدانهم ، وتواريخ ولادة الرواة ووفياتهم ، وابتدائهم في الطلب والسماع ، وارتحالهم من بلد إلى آخر ، وسماعهم من الشيوخ في البلدان، من سمع في كل بلد ؟ ومتى سمع ؟ وكيف سمع ؟ ومع من سمع ؟ وكيف كتابه ؟ ثم معرفة أحوال الشيوخ الذين يحدث الراوي عنهم ، وبلدانهم ووفياتهم ، وأوقات تحديثهم ، وعادتهم في التحديث ، ومعرفة مرويات الناس عن هؤلاء الشيوخ ، وعرض مرويات هذا الراوي عليها ، واعتبارها بها ، إلى غير ذلك مما يطول شرحه ، هذا مع سعة الاطلاع على الأخبار المروية ، ومعرفة سائر أحوال الرواة التفصيلية ، والخبرة بعوائد الرواة ومقاصدهم وأغراضهم ، وبالأسباب الداعية إلى التساهل والكذب ، وبمظنات الخطأ والغلط ، ومداخل الخلل ، هذا مع اليقظة التامة ، والفهم الثاقب ، ودقيق الفطنة .. وغير ذلك ] 4) الذب عن رسول الله  وتنقية حديثه من الكذب أو الوضع أو الإسرائيليات ونحوها . .

  15. 5) أن هذا العلم صناعة خاصة بالحفاظ من أهل الحديث، الذين أخرجهم الله لحفظ سنة نبيه ، ، ولا يصحّ لمن ليس له عناية خاصة بهذا العلم ، أن يتكلم فيه بالتصحيح والتضعيف ونحوه . قال الإمام مسلم : [ واعلم رحمك الله أن صناعة الحديث ، ومعرفة أسبابه من الصحيح والسقيم ، إنما هي لأهل الحديث خاصة ؛ لأنهم الحفاظ لروايات الناس، العارفون لها دون غيرهم ، إذ الأصل الذي يعتمدون لأديانهم ، السنن والآثار المنقولة من عصر إلى عصرٍ ، من لدن النبي  إلى عصرنا هذا ، فلا سبيل لمن نابذهم من الناس ، وخالفهم في المذهب إلى معرفة الحديث ، ومعرفة الرجال من علماء الأمصار فيما مضى من الأعصار ، من نقلة الأخبار ، وحُمّال الآثار، وأهل الحديث : هم الذين يعرفونهم ويميّزونهم حتى ينـزلوهم منازلهم في التعديل والتجريح، وإنما اقتصصنا هذا الكلام لكي نثبته لمَن جهل مذهب أهل الحديث ممن يريد التعلم والتنبّه، على تثبيت الرجال وتضعيفهم ، فيعرف ما الشواهد عندهم والدلائل التي بها أثبتوا الناقل للخبر من نقلته ، أو أسقطوا من أسقطوا منهم، والكلام في تفسير ذلك يكثر...]

  16. جهود علماء الحديث في علم العلل قديماً وحديثاً أولاً : العناية بالسند بدأت جهود الحفاظ من المحدثين في التثبت من صحة الحديث عن النبي ، وفتشوا عن الإسناد ، فكان الإمام ابن سيرين (ت: 110هـ) أول من عني به، قال يعقوب: [ وسمعت علي بن المديني يقول : ( كان ممن ينظر في الحديث ، ويفتش عن الإسناد ، لا نعلم أحداً أوّل منه محمد بن سيرين ، ثم كان أيوب ، وابن عون ، ثم كان شعبة ، ثم كان يحيى بن سعيد وعبد الرحمن . قلت لعلي : فمالك بن أنس ؟ فقال أخبرني سفيان بن عيينة قال : ( ما كان أشد انتقاء مالك الرجال )]

  17. ثانياً :- الرحلة في طلب الحديث ثالثاً:- التصنيف والتأليف في علل الحديث: قال ابن رجب ( ت: 795 هـ) : [ الكلامُ في العلل والتواريخ قد دونه أئمةُ الحفاظ، وقد هُجِرَ في هذا الزمان، ودرس حفظه وفهمه، فلولا التصانيف المتقدمة فيه لما عُرِفَ هذا العلم اليوم بالكلية، ففي التصنيف فيه ونقل كلام الأئمة المتقدمين مصلحة عظيمة جداً ] رابعاً:- أشهر العلماء ومصنفاتهم في علل الحديث، منهم: شعبة بن الحجاج ابن الوردي العتكي أبو بسطام ( 83 : 160هـ ) وهو الذي أسس علم العلل ، وأصّله ووضع له القواعد . يحيى بن سعيد القطان أبو سعيد البصري (120-198هـ) عبد الرحمن ابن مهدي أبو سعيد البصري ( 135-198هـ) 4) محمد بن إدريس الشافعي المكي نزيل مصر ( 150-204هـ) 5) يحي بن معين أبو زكريا، البغدادي ( 158-233هـ) ، وغيرهم كثير.

  18. جهود العلماء في العصور المتأخرة في خدمة علل الحديث 1) عني المتأخرون من علماء الحديث بإخراج المصنفات الأصيلة من المكتبات والمتاحف وتتبع أماكن حفظها ، ودراستها وتوثيق معلوماتها ومضامينها ، وشرح محتواها ، وهو ما يسمى بحركة تحقيق المخطوطات ، وغايته إخراج الثروة التراثية لعلم علل الحديث وغيره . 2) الجهات المعنية بهذا الأمر ، هي المؤسسات الأكاديمية ، مثل الجامعات والكليات ومعاهد الدراسات الشرعية ، والمكتبات العلمية. 3) وضعت مقررات دراسية في التخصصات الشرعية لدراسة هذا الفن من علوم الحديث ، وهو علل الحديث ، وتعني الدراسة بالجانب النظري والعملي. 4) دراسة مناهج أهل هذا الفن في اكتشاف العلل في الأحاديث ، مع أن الظاهر السلامة منها ، والاستفادة من ذلك في دراسة السنة سنداً ومتناً.

  19. ثمرات علم علل الحديث وأثره على العلوم الأخرى أولاً:- أن منهج المحدثين النقاد في التعليل منهج متكامل ودقيق ، لكونه قائماً على معرفتهم لملابسات الروايات، وأحوال الرواة، ومعاينة أصولهم فيها. يقول العالم المسلم ( محمد أسد) بعد دراسة علمية دقيقة لمنهج علماء الحديث في الذود عن السنة نتوصل إلى أن المحدثين ساروا على منهج دقيق للتثبت من صحة الحديث. هذا الأسلوب الذي صاروا عليه أنتج علمًا تام الفروع. وهذا العلم استطاع أن يوجد لنا في الناحية التاريخية سلسلة متماسكة الحلقات لتراجم متصلة لكل من ذكروا بوصفهم من رواة الحديث أو المحدثين. وكذلك أوجد لنا من ناحية أخرى مجموعة من القواعد التي تشكل مقياسًا صحيحًا قويًّا للنقد العلمي على أوضح منهاج. خضعت هذه التراجم وتلك القواعد لبحث دقيق من كل ناحية. لم يوصف بالثقة إلا من كانت حياته وطريقة روايته تتفق تمامًا مع القواعد التي وضعها المحدثون، وهي تعتبر أشد ما يمكن في الدقة.

  20. ثانياً :- قدّم علماء المسلمين من المحدثين للإنسانية منهجاً متكاملاً ، واسعاً وشاملاً، للتعامل مع الرواية قبل منهج النقد التاريخي عند الغربيين ، والذي ظهر في أواخر القرن الثامن عشر، وهذا يوضح مدى السبق الذي حققه المحدثون، وقد انعكس ذلك على الحياة الأدبية ، والثقافية ، والدينية في المجتمع الإسلامي، مما كان له أثر كبير في دفع الحضارة الإسلامية في عصور ازدهارها.

  21. ثالثاً :- أن المعيار العلمي في منهج المحدثين ، في علل الحديث ، هو شعور الناقد بمخالفة الحديث الأمر الواقع ، أو تفرد الراوي بما لا أصل له، هذا الشعور هو نتيجة ممارسة علوم الحديث ، ومعايشة الحديث وأصحابه ، والتعمق في العلوم المتصلة بعلل الحديث ، مما جعل عند علماء علل الحديث آلة نقد حديث الثقات الذي توفرت فيه شروط الصحة ، ولم يسلم من علة خفية بدت لأصحاب الخبرة والعلم الفذ ، والذي خص الله به هذه الأمة لحفظ سنة نبيها  من التحريف والوضع ونحوه.

  22. رابعاً :- أن المتتبع لتاريخ الأديان لا يجد أمة من الأمم كالأمة الإسلامية ، عنيت هذه العناية في تتبع كل ما أُثر عن نبيها  من قول ، أو فعل ، أو تقرير ، أو صفة، وفي التشدد في الرواية وفي التحري الدقيق عن الرواة. هذا التفرد المنقطع النظير بالإسناد المتصل إلى النبي  يجعلنا نحكم بلا تردد بأن علوم الحديث من علم رجال الحديث ، أو علم علل الحديث ونحوه ، من العلوم الإسلامية التي لم توجد في أمة أخرى قبل الإسلام. ويمكننا القول بأن المسلمين كانوا أسبق الأمم إلى وضع أدق القواعد لما يسمى اليوم بالمنهج العلمي.

  23. خامساً: أن منهج النقد عند المحدثين يقوم أساساً على المعارضة بين مرويات الراوي ، ومرويات الثقاة ، وقد ذكر ذلك د/ نور الدين العتر في كتابه ( منهج النقد في علوم الحديث) ، و الشيخ د/الأعظمي في كتابه: ( منهج النقد عند المحدثين) وذكر قضية النقد العقلي فأثبتها ، ووازن بين منهج المحدثين ، والمنهج الأوروبي في النقد التاريخي ، وتناول بعض جهود الإستشراق في نقد الحديث، وبَيَّن قيمتها العلمية من خلال دراسة منهجية متعمقة ، فكانت أول محاولة جادة لعرض المنهج العلمي للنقد عند المحدثين من خلال جانب تطبيقي وهو ( علم العلل).

  24. سادساً :-أن التاريخ كعلم مستقل لم يحظ بالاعتراف التام إلا في الأزمنة الحديثة جداً، كما يقول روزنتال ، أما في الحضارة الإسلامية فإن التاريخ علم نشأ في محيط حَمَلة الشرع من المحدثين والفقهاء، فقد وجد منذ زمن طويل ، لكنه لم يَتَسَمَّ نصا بعلم التاريخ، بل كان منضويا في علم الحديث. ولا يقوم به إلا مشاهير المحدثين، وبمطالعة عابرة – غير متكلفة ولا استثنائية – لقائمة أعلام المؤرخين التي استعرضها المستشرقون ، أمثال مرغليوث في ( دراساته عن المؤرخين العرب) ، وروزنتال في ( علم التاريخ عند المسلمين) ثم الباحثون المسلمون ، سنجد أن معظم المؤرخين ، إن لم يكن كلهم محدثون جهابذة ، بل إن العلامات المضيئة في تاريخ المؤرخين المسلمين لم تكن سوى نماذج واضحة لأئمة الحديث في تلك العصور، مثل محمد بن إسحاق ، والطبري ، وابن كثير، وابن معين ، والخطيب البغدادي ، وابن عساكر ، والذهبي ، وابن حجر ، والسخاوي. ويقول السخاوي في كتاب الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ :[ وكان مما قلته في مقدمتة ، أن علم التاريخ من فنون الحديث النبوي..]

  25. ويقول أيضا: [ قال العز بن جماعة: ومما يشكل ويحتاج إليه معرفة التفرقة بين علم التاريخ ؛ وعلم الطبقات؛ ومعرفة الافتراق بين موضوعهما وغايتهما، قال: والحق عندي أنهما بحسب الذات يرجعان إلى شيء واحد ؛ وبحسب الاعتبار يتحقق ما بينهما للتغاير، قلت- أي السخاوي-: بينهما عموم وخصوص وجهي، فيجتمعان في التعريف بالرواة ؛ وينفرد التاريخ بالحوادث، والطبقات بما إذا كان في البدريين مثلا من تأخرت وفاته عمن لم يشهدها لاستلزامه تقديم المتأخر الوفاة..] يتضح من ذلك التسليم بأن علم الطبقات من التاريخ، ومعلوم أن علم الطبقات من فنون الحديث بإجماع، ومن أدوات علل الحديث العلم بطبقات الرواة وتاريخهم .

  26. سابعاً:- إن منهج النقد في التاريخ ، وليد منهج نقد المحدثين ، إذ أن التاريخ ميدان من ميادين علوم الحديث ، وأشهر المؤرخين في التاريخ هم رواة الحديث ونقاده . إنها الحقيقة التي تظهر للعالِم الباحث عن الحقيقة ، المنصف للواقع، إذ ليس من العدل أن تكون مادة التاريخ الإسلامي مأخوذة من التواريخ التي جمعها المحدثون ، ثم يوصفون بأنهم مؤرخين فقط ، موهمين من لا تمييز له أن هناك طائفة أخرى كبيرة غير المحدثين هي التي سجلت التاريخ ، كيف يوصف الإمام الحافظ أمير المؤمنين في الحديث البخاري صاحب كتاب ( التاريخ الكبير ، والتاريخ الأوسط ، والتاريخ الصغير ، وصاحب أصح كتاب بعد كتاب الله في السنة ( الجامع الصحيح المشهور بصحيح البخاري )

  27. أثر منهج نقد الحديث على منج النقد التاريخي:- أثَر مصطلح الحديث ، وما احتواه من قواعد وضوابط يبدو جلياً على المؤرخ الشهير ( أسد رستم ) في كتابه ( مصطلح التاريخ) اعتمد فيه على قواعد علم الحديث ، واعترف بأنها طريقة علمية حديثة لتصحيح الأخبار والروايات . وقال بعد أن ذكر وجوب التحقق من عدالة الراوي ، والأمانة في خبره : " ومما يذكر مع فريد الإعجاب والتقدير ما توصل إليه علماء الحديث منذ مئات السنين في هذا الباب ، وإليك بعض ما جاء في مصنفاتهم نورده بحرفه وحذافيره تنويهاً بتدقيقهم العلمي ، اعترافاً بفضلهم على التاريخ " ثم أخذ ينقل نصوصاً عن بعض أئمة هذا الشأن . والحقيقة الجلية التي لا يغفله عالم منصف اطلع على علوم الحديث عامة ، وعلم علل الحديث خاصة ، أن العلوم الإسلامية علوم مترابطة ، نشأت في محيط خدمة الإنسانية فالإسلام دين شامل للدنيا وللدين ، وراعى حاجات الإنسان واحتوى القرآن والسنة كل ما فيه صلاح وخير للإنسانية ، لذا اطمأن الناس إلى مصادر شريعتهم ، وأيقنوا أن عناية علماء المسلمين على مر العصور قديماً وحديثاً حفظتها من العبث ، ونقتها من الشوائب والخلل ، ولا زالت جهود علماء الأمة تفتش عن مكنون تراثها الإسلامي في مكتبات ومتاحف العالم ، وتخضعها للدراسة الأكاديمية التي أخرجت للمسلمين كنوزاً ثمينة من مصادر علوم الأمة إسلامية.

  28. نتائج البحث:- 1) أهمية علم علل الحديث خاصة ، لدقته ، وعظيم منفعته، فهو مختص بنقد أحاديث الرواة الثقات ، وذلك لغلبة الظن من أنهم لا يروون من الأحاديث إلا ما استوفى شروط الصحة والقبول ، وغاب عن عامة الناس ، وكثير من المحدثين ، أن الرواة الثقات هم من البشر الذين لم يعصموا من الخطأ والنسيان ، والوهم ونحوه ، لذا لم يتصدى لهذا العلم إلا جهابذته وحفاظه. 2) أن علم علل الحديث ، علم خاص لا يستطيعه كل أحد من العلماء ، لذا هو علم نادر عزيز لايؤتى إلا لمن سبر غور علم الحديث ، وعايش مصنفاتهم وأقوالهم ، حتى تصبح عنده آلة الكشف عن العلل فيما ظاهره السلامة .

  29. 3) أن العصر الذهبي في علم علل الحديث كان في القرن الثاني ، فظهرت أئمة الأعلام من المحدثين والفطنين لعلل الحديث مثل الحافظ شعبة بن الحجاج المتوفي160هـ. 4) أن المنهج النقدي عند المحدثين ، سبق المنهج النقدي عند الغرب ، حيث بدأ الإسلام بنشر نوره في دول أوروبا حين كانت في ظلمة الحضارات ، وبواسطة المستشرقين الذين درسوا علوم الشرق ، استفادوا من علوم العرب ؛ حين كانوا يرسلون أبناؤهم للأندلس ؛ لتلقي العلوم على يد علماء العرب المسلمين.

  30. 5) إن استمرار رسالة الأمة في الحفاظ على سنة النبي  والذب عنه والدفاع عن سنته لم ينقطع فعلم علل الحديث يحمل هذه الرسالة خاصة وغايتها الدفاع والحماية لسنة النبي . 6) حفظ الإسلام حقوق الإنسان ، وكرامته ، فإن أخطأ الثقات لا يحمل خطأوهم على الوضع ، والكذب على رسول الله  ، وإنما يحمل ذلك على ما يرد على الإنسان من عوارض طبيعية من الخطأ ، والوهم ، والنسيان ونحوه ، كما أنه لا يرفض كل ما جاء عن الراوي الثقة إن أخطا،وإنما يرد الخطأ منها فقط فلا يترك حديث الثقة بضعف في روايات قليلة .

  31. التوصيات: 1) بذل الجهد للعناية بعلم علل الحديث ، ووضعه مقرر دراسي في الكليات الشرعية بجميع فروعها ، ولا يختص بفرع الكتاب والسنة. 2) حث وترغيب طلاب العلم بالبحث في علم العلل ، ودراسة منهج الأئمة الحفاظ فيه ، وتصنيف مناهجهم على مدارس ، ونحوه 3) الترغيب في البحث والتنقيب عن مخطوطات هذا العلم ، وتحقيقها وفق منهج أكاديمي تشرف عليه المؤسسات العلمية . 4) عقد ندوات علمية محلية وعالمية للربط بين علماء الحديث في العصر الحاضر ، والاستفادة من المناهج المتعددة في معرفة العلل واكتشافها . 5) العناية بالأبحاث التي قدمها الباحثون في هذا العلم ، ونشرها بين طلبة العلم للاستفادة منها .

  32. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وسلام على المرسلين ، وصلي الله وبارك على نبي الرحمة والهدى محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه وزوجاته أمهات المؤمنين واحشرنا في زمرتهم يارب العالمين.

More Related