200 likes | 468 Views
مهما عظمت ذنوبك سيقبل الله توبتك. إعداد جنات عبد العزيز دنيا. قصة الذي قتل مائة نفس. يحيط بابن آدم أعداء كثيرون يحسِّنون له القبيح ، ويقبحون له الحسن ، ويدعونه إلى الشهوات ، لينحدر في موبقات الذنوب والمعاصي ، ومع وقوعه في الذنب، فقد يصاحب ذلك ضيق
E N D
مهما عظمت ذنوبك سيقبلالله توبتك إعداد جنات عبد العزيز دنيا
قصة الذي قتل مائة نفس يحيط بابن آدم أعداء كثيرون يحسِّنون له القبيح ، ويقبحون له الحسن،ويدعونه إلى الشهوات ، لينحدر في موبقات الذنوب والمعاصي ، ومع وقوعه في الذنب، فقد يصاحب ذلك ضيق وحرج ، وتوصد أمامه أبواب الأمل ،ويدخل في دائرة اليأسمن روح الله ،والقنوطمن رحمة الله ، ولكن الله بلطفه ورحمته فتح لعباده أبواب التوبة ،وجعل فيها ملاذاً مكيناً ، وملجأ حصيناً ، يَلِجُه المذنب معترفا بذنبه، نادماً على فعله ،غير مصرٍ على خطيئته، فيكفرالله عنه سيئاته ، ويرفع من درجاته . وقد قص النبي صلىالله عليه وسلم قصة رجل أسرف على نفسه ثم تاب وأناب فقبل الله توبته ، والقصة رواها الإمام مسلم في صحيحه :
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهأن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال :( كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا ، فسألعنأعلم أهل الأرض ، فدُلَّ على راهب ، فأتاه فقال : إنه قتل تسعة وتسعين نفسا، فهل له من توبة ، فقال : لا ،فقتله فكمل به مائة ، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض ، فدُلَّ علىرجل عالم ، فقال: إنه قتل مائة نفس ، فهل لهمنتوبة ، فقال : نعم ، ومن يحولبينه وبين التوبة ، انطلق إلى أرض كذا وكذا ،فإن بها أناسا يعبدون الله ، فاعبد الله معهم ، ولا ترجع إلى أرضك ،فإنهاأرض سوء ، فانطلق حتى إذا نصَفَ الطريق أتاه الموت ، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، فقالت ملائكة الرحمة : جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله ، وقالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيرا قط ،
فأتاهم ملَكٌ في صورة آدمي ، فجعلوه بينهم ، فقال : قيسوا ما بين الأرضينفإلى أيتهما كان أدنى فهو له ، فقاسوه فوجدوهأدنى إلىالأرض التي أراد ، فقبضته ملائكة الرحمة . قالقتادة : فقال الحسن : ذُكِرَ لنا أنه لما أتاه الموت نأى بصدره ). هذه قصة رجل أسرف على نفسه بارتكاب الذنوب والموبقات ، حتىقتل مائة نفس، وأي ذنب بعد الشرك أعظم من قتل النفس بغير حق ؟! ، ومع كل الذي اقترفه إلا أنه كان لا يزال في قلبه بقية من خير ، وبصيص من أمل يدعوه إلى أن يطلب عفوالله ومغفرته ، فخرج من بيته باحثاً عن عالم يفتيه ، ويفتح له أبواب الرجاء والتوبة ،
ومن شدة حرصه وتحريه لم يسأل عن أي عالم ، بل سأل عن أعلم أهل الأرض ليكون على يقين منأمره ، وكان هذا العالم مربيا حكيما ، حيث لم يكتف بإجابته عنسؤاله وبيان أن باب التوبة مفتوح ، بل دله على الطريقالموصل إليها ، وهو أن يغير منهج حياته ، ويفارق البيئة التي تذكره بالمعصية وتحثه عليها ، ويترك رفقة السوء التيتعينه على الفساد ،وتزين له الشر ،ويهاجر إلى أرضأخرى فيها أقوام صالحون يعبدون الله تعالى ، وكان الرجل صادقا في طلب التوبة،فأمر الله أرض الخير والصلاح أنتتقارب ، وأرض الشر والفساد أن تتباعد ، فوجدوه أقرب إلى أرض الصالحين بشبر، فتولت أمره ملائكة الرحمة ، وغفر الله له ذنوبه كلها .
- إن هذه القصة تفتح أبواب الأمل لكل عاص ، وتبين سعة رحمة الله،وقبوله لتوبة التائبين ،مهما عظمت ذنوبهم وكبرتخطاياهم كما قال الله :{قل يا عبادي الذين أسرفوا علىأنفسهملا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنههو الغفور الرحيم}(الزمر 53) ،ومن ظن أن ذنباً لايتسع لعفو الله ومغفرته ، فقد ظن بربه ظن السوء،وكما أن الأمنمنمكر الله من أعظم الذنوب ، فكذلك القنوط من رحمة الله ،قالعزوجل : {ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون } (يوسف: 87) . ولكن لا بد من صدق النيةفي طلب التوبة ،وسلوك الطرق والوسائل المؤدية إليها والمعينة عليها .
- وهذه القصة تبين كذلك أن استعظام الذنب هو أول طريقالتوبة وكلماصَغُرَ الذنب في عين العبد كلما عَظُمَ عند الله. يقول ابن مسعود رضيالله عنه : "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقععليه،وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه قال به هكذا فطار“. وهذا الرجل لولا أنه كان معظماً لذنبه ،خائفاً من معصيته لما كان منه ما كان . - والقصة أيضاً تعطي منهجاً للدعاة بألا ييأسوا من إنسان مهما بلغت ذنوبه وخطاياه ، فقد تكون هناك بذرة خير في نفسه تحتاجإلى من ينميها ويسقيها بماء الرجاء في عفو الله والأمل فيمغفرته ،
وألا يكتفوا بحثِّ العاصين على التوبة والإنابة ، بل يضيفوا إلى ذلك تقديمالبدائل والأعمال التي ترسخ الإيمان في قلوب التائبين، وتجعلهم يثبتون على الطريق ، ولا يبالون بما يعترضهم فيه بعد ذلك . - وفي القصة بيان لأثر البيئة التي يعيش فيها الإنسان والأصحاب الذين يخالطهم على سلوكه وأخلاقه ،وأن من أعظم الأسباب التي تعين الإنسان على التوبة والاستقامة هجر كل ما يذكر بالمعصية ويغري بالعودة إليها ، وصحبة أهل الصلاح والخير الذين يذكرونه إذا نسي ، وينبهونه إذا غفل ، ويردعونهإذا زاغ.
- وفيها كذلك أهمية العلم وشرف أهله ، وفضل العالم على العابد فالعلماء هم ورثة الأنبياء جعلهم الله بمنزلة النجوم يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر . فها هو ربك العظيم لا زال جل في علاه فاتحاً لك الباب طوال العام لأن تسأله فيجيبك في كل ليلة ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل نزولاً يليق بجلاله وعظمته سبحانه وبحمده فينادي في عباده وأنت منهم واستمع لنبيك وحبيبك يخبرك عن ذلك في الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري فيصحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ)(البخاري )
لقد تاب الله على من قتل تسعة وتسعين نفساً وكمل بالراهب تمام المئة، وتاب على وحشي الذي قتل حمزة رضي الله عنه عم خير البرية صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة وأسد الله وأسد رسوله . أخي مهما عظمت ذنوبك، فعفو الله أعظم فعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا)(رواه مسلم).وقال في الحديث السابق: (يا عبادي! إنكم تذنبون في الليلوالنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم).فسبحان الله! مع غناه عنا يقبل منا التوبة من الذنوب ويغفرها لنا ،
ومع ذلك:(فإن الله تعالى أشد فرحاً بتوبة العبد إذا تاب من رجل فقد دابته في الخلاء، حتى يأس منها،وقال:أنام تحت شجرةحتى يدركني الموت فاستيقظ فإذا دابته أمامه وعليها متاعه، فقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح) (البخارى مختصر ومسلم عن أنس).أي: أنه فتح عينه وإذا بدابته وعليها غذاؤه وطعامه واقفة أمامه، فسبحان الله ما أغناه وما أحلمه وما أكرمه!
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول: (قال الله تبارك وتعالى:يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة)(رواه الترمزى ،وصححه ابن القيم، وحسنه الألباني). ---------------------------------------------------- - معنى عنان السماء: السحاب وقيل ما انتهى إليه البصر منها. - معنى قراب الأرض: ملؤها أو ما يقارب ملأها. - إنك ما دعوتني ورجوتني: أي ما دمت تدعوني وترجوني. - ولا أبالي: أي إنه لا تعظم علي مغفرة ذنوبك وإن كانت كبيرة وكثيرة.
هذا الحديث من أرجى الأحاديث في السنة، ففيه بيان سعة عفو الله تعالى ومغفرته لذنوب عباده، وقد تضمن هذا الحديث أهم ثلاثة أسباب تحصل بها مغفرة الله وعفوه عن عبده مهما كثرت ذنوبه وعظمت، وهذه الأسباب هي: 1- الدعاء مع الرجاء. 2- الاستغفار مهما عظمت الذنوب: وقد ورد ذكر الاستغفار في القرآن كثيراً فتارة يأمر الله به كقوله سبحانه: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَغَفُورٌ رَحِيمٌ } (المزمل20)، وتارة يمدح أهله كقوله تعالى: { وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأسْحَارِ } (آل عمران 17).
3 - وتارة يذكر جزاء فاعله كقوله تعالى: { وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً}(النساء110). والاستغفار الذي يوجب المغفرة هو الاستغفار مع عدم الإصرار على المعصية والذنب، وهو الذي مدح الله تعالى أهله ووعدهم بالمغفرة في قوله: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (آل عمران135).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (أذنب عبد ذنبا فقال اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب،ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب ،فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت فقد غفرت لك) والمعنى أي ما دمت على هذ الحال كلما أذنبت استغفرت من ذنبك . وأفضل أنواع الاستغفار أن يبدأ العبد بالثناء على ربه، ثم يثني بالاعتراف بذنبه، ثم يسأل الله المغفرة،
ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيح: (سيد الاستغفار أن تقول اللهم أنتربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أنيصبح فهو من أهل الجنة) . ومن صيغ الاستغفار العظيمة ما ورد في الحديث الصحيح عند الترمذي أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غفر له وإن كان فر من الزحف) (صححه الألبانى ).
3 - التوحيد الخالص : السبب الثالث من أسباب المغفرة تحقيق التوحيد، وهو من أهم الأسباب وأعظمها، فمن فقدَه فقَدَ المغفرة، ومن جاء به فقَدْ أتى بأعظم أسباب المغفرة، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} (النساء48)، والتوحيد في الحقيقة ليس مجرد كلمة تنطق باللسان من غير فقه لمعناها، أو عمل بمقتضاها، إذاً لكان المنافقون أسعد الناس بها، فقد كانوا يرددونها بألسنتهم صباح مساء ويشهدون الجمع والجماعات، ولكنه في الحقيقة استسلام وانقياد، وطاعة لله ولرسوله، وتعلق القلب بالله سبحانه محبة وتعظيما، وإجلالا ومهابة،وخشية ورجاء وتوكلا، كل ذلك من مقتضيات التوحيد ولوازمه، وهو الذي ينفع صاحبه يوم الدين.
يقول الإمام الشافعى : ولما قسـا قلبي وضـاقت مذاهبي / جعلت الرجـا مني لعفوك سلمــا تعاظمنـي ذنبـي فلمـا قرنتــه / بعفوك ربي كان عـفوك أعظمــا فما زلتَ ذا عفو عن الذنب لم تزل/ تـجـود وتعـفو منة وتكرمـــا gannatdonya@gmail.com