الملك الذي فر من الحكم

1. الملك الذي فر من الحكم أخوكم الداعي الغريب

2. روى الإمام أحمد ‏عن ‏عبدالله ابن مسعود ‏رضي الله عنه قال : بينما ‏ ‏رجل فيمن كان قبلكم كان في مملكته فتفكر فعلم أن ذلك منقطع عنه وأن ما هو فيه قد شغله عن عبادة ربه .

3. فتسرب - أي هرب - فانساب ذات ليلة من قصره فأصبح في مملكة غيره وأتى ساحل البحر وكان به ‏ ‏يضرب ‏ ‏اللبن ‏ ‏بالأجر ‏- أي يشتغل بصناعة الحجارة بالأجر - ‏فيأكل ويتصدق بالفضل فلم يزل كذلك حتى ‏ ‏رقي ‏ ‏أمره إلى ملكهم وعبادته وفضله .

4. فأرسل ملكهم إليه أن يأتيه فأبى أن يأتيه فأعاد ثم أعاد إليه فأبى أن يأتيه وقال : ما له وما لي ؟

5. قال : فركب الملك فلما رآه الرجل ‏ ‏ولى ‏ ‏هاربا فلما رأى ذلك الملك ‏ ‏ركض ‏ ‏في ‏ ‏أثره ‏ ‏فلم يدركه .

6. قال فناداه : يا عبد الله إنه ليس عليك مني ‏ ‏بأس ‏ ‏فأقام - أي وقف - حتى أدركه فقال له : من أنت رحمك الله ؟ قال أنا فلان بن فلان صاحب ملك كذا وكذا ، تفكرت في أمري فعلمت أن ما أنا فيه منقطع فإنه قد شغلني عن عبادة ربي ؛ فتركته وجئت هاهنا أعبد ربي عز وجل . فقال ما أنت بأحوج إلى ما صنعت مني .

7. قال ثم نزل عن دابته فسيبها ثم تبعه فكانا جميعا يعبدان الله عز وجل فدعوا الله أن يميتهما جميعا قال : فماتا قال : لو كنت ‏برُميلةِ مصر - منطقة ذات رمل على شاطي البحر بمصر - ‏لأريتكم قبورهما ‏ ‏بالنعت ‏ ‏الذي ‏ ‏نعت ‏ ‏لنا رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم .

8. الفوائد من هذه القصة : 1- محاسبة النفس بين فترة وأخرى أمر ضروري : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا فإنه أخف عليكم في الحسنات غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم وتزينوا للعرض الأكبر ( يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ) رواه ابن كثير في مسند الفاروق وقال : مشهور وفيه انقطاع .

9. الفوائد من هذه القصة : 2- الفرار إلى الله تعالى وترك الدنيا وشهواتها وملذاتها : قال الله تعالى ( ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ). وقال صلى الله عليه وسلم : لا تمنوا الموت فإن هول المطلع شديد وإن من السعادة أن يطول عمر العبد ويرزقه الله الإنابة . رواه أحمد .

10. الفوائد من هذه القصة : 3- مشروعية صلاة الليل في شريعة بني إسرائيل وشريعتنا : قال الله تعالى : ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون ). وقال صلى الله عليه وسلم : أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل . رواه مسلم.

11. الفوائد من هذه القصة : 4- أن العمل الصالح هو الذي يبقى وما غيره من ملك فهو يفنى : قال صلى الله عليه وسلم : إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له . رواه مسلم. وقال : الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وماوالاه وعالما أو متعلما . رواه الترمذي وقال : حديث حسن.