E N D
فمـن المحرمــات الشــرعيــة: "الكــذب" وهـو كبيرة مـن كبــائر الذنـوب قال تعالــى: {فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 61] والكــذب جمـاع كــل شــر وأصــل كــل ذم، لســوء عواقبــه، وخبث نتائجـه، لأنـه ينتج النميمـة، والنميمـة تنتــج البغضـــاء، والبغضـــاء تؤول إلــى العــداوة وليــس مـع العداوة أمــن ولا راحـة ولذلك قيــل: مــن قــل َّ صــدقــه، قــلَّ صديقــه.وقــد حــذر النبـــي صلى الله عليه وسلم مـن الكذب وبيَّن سـوء عاقبتــه فقــال: «.. وإن الكـذب ليهـدي إلـى الفجـور، وإن الفجــور ليهــدي إلــى النــار، وإن الرجـل ليكــذب حتــى يكتــب عنــد الله كذابـاً» [ متفق عليه ].
وبيَّن صلى الله عليه وسلم أن الكـذب مـن صفـات المنافقيــن فـي قولــه: «آيـة المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب ، وإذا وعـد أخلف وإذا اؤتمـن خــان» [ متفق عليه ].وإخـلاف الوعــد وخيـانـة الأمـانـة أيضـاً مـن الكـذب، فكـأن الصفـة الرئيــسة للمنافق هـي الكذب والكذب مَمْحَقَةٌ للبـركـة مـن الكسـب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اليمين الكاذبـه منفقةٌ للسلــعة، ممحقـة للكسبِ» [ متفق عليه].يشعـر بذلك كثيـر مـن التجــار والبائعيــن الذيـن يروّجــون سلعهـمـ بالغــش والكذب، فإنهـم يكسبــون أمـوالاً طـائلـة، ومـع ذلك فقد نزعــت البركــة مــن أمـوالهم فلا ينتفعــون إلا بالشــيء القليل منهــا، لأن الله عزوجــل يمحــق مـا جــاء عن طريق الكــذب والخــداع.
والكذب محــرمٌ وإن كــان على سبيــل المـزاح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ويـلٌ للذي يحــدّث فيكذب، ليضحــك بــه القـــوم، ويــل له، ويــل له» ( أحمـد وأبو داودوحسَّنه الألباني).
بـل إن الكذب محـرم ولو على الطفـل الصغيــر، وهذا ممـا يتهـاون به كثيرٌ مـن الآباء والأمهــات، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مـن قال لصبي: تعالى هاك ثم لم يعطـه فهـي كذبــة» [ رواه أحمد وقال الالباني حسن لغيره].وهذا لأن الطفــل يلتقـط مــن أبيــه وأمــه كل شــيء فإذا تعــود الكــذب منهمــا، نشــأ على الكــذب وصــار سجيــة له كمـا قيــل:وينشـأ نـــاشيء الفتيــان منـــا *** عــلى مــا كــان عـــوّده أبـــــــــوهفاتـق الله يا أخـي المسـلم، وطهـر لسـانك مـن الكذب، فـإن الكذب يهلك صـاحبـه ولابد.قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن العبــد ليتكـلم بالكلمــة مـايتبين فيهـا، يزلُّ بهـا فـي النــار أبعــد ممـا بين المشـرق والمغــرب» [ متفق عليه].
وأشنع الكذب : - الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهو أعظم الكذب ، وصاحبه معرّض للوعيد الشديد ، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى تكفير فاعله . قال تعالى : { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون }وعن علي رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تكذبوا عليّ ؛ فإنه من كذب علي فليلج النار » رواه البخاري ( 106 ) . وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من كذب عليّ فليتبوأ مقعده من النار » رواه البخاري ( 110 ) ومسلم ( 3 ) .
قال ابن القيم : المباءة : هي التي يبوء إليها الشخص ، أي : يرجع إليها رجوع استقرار ، والمباءة " هي المستقر ومنه قوله " من كذب عليّ متعمّدا فليتبوأ مقعده من النار " ، أي : ليتخذ مقعده من النار مباءة يلزمه ويستقر فيه ، لا كالمنـزل الذي ينـزله ثم يرحل عنه . " طريق الهجرتين " ( ص 169 ) . ومن الكذب ما يكون على الخلق مثل .
الكذب في البيع والشراء عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم ، قال : فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار ، قال أبو ذر : خابوا وخسروا من هم يا رسول الله ؟ قال : المسبل ، والمنّان ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب »رواه مسلم ( 106 ) .
تحريم الكذب في الرؤيا والحلم وهو ما يدّعيه بعضهم أنه رأى في منامه كذا وهم غير صادق ، ثم يصبح يقص على الناس ما لم ير . عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من تحلّم بحلم لم يره كلّف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل ، ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون - أو يفرون منه - صب في أذنه الآنك يوم القيامة ، ومن صوّر صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها وليس بنافخ »رواه البخاري ( 6635 ) .
تحريم التحدث بكل ما يسمع عن حفص بن عاصم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « كفى بالمرء كذبا أن يحدّث بكل ما سمع »رواه مسلم ( 5 ) . قال النووي :وأما معنى الحديث والآثار التي في الباب : ففيها الزجر عن التحدث بكل ما سمع الإنسان؛ فانه يسمع في العادة الصدق والكذب ، فإذا حدّث بكل ما سمع فقد كذب ؛ لإخباره بما لم يكن ، وقد تقدم أن مذهب أهل الحق : أن الكذب : الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه ، ولا يشترط فيه التعمد ، لكن التعمد شرط في كونه إثما والله أعلم . " شرح مسلم " ( 1 / 75 ) .
الكذب في المزاح عن ابن عمر قال : قال صلى الله عليه وسلم : « إني لأمزح ولا أقول إلا حقّا »رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 12 / 391 ) . والحديث : حسنه الهيثمي في مجمع الزوائد ( 8 / 89 ) وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الجامع ( 2494 ) وعن أبي هريرة قال قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا ، قال : « إني لا أقول إلا حقا »رواه الترمذي ( 1990 ) ، قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح . ونحوه عند الطبراني في " الأوسط " ( 8 / 305 ) وحسّنه الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 9 / 17 ) .
ْْ( إِنَّ الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ ) لاتنسونا من صالح دعائكم ْْْْْْْْ