190 likes | 591 Views
تحريم الأخذ من المال العام. إعداد جنات عبد العزيز دنيا. وضع الاسلام أسس في التعامل مع المال العام والمرافق العامة ؛ و من هذه الأسس: 1 - تحريم مد اليد الى المال العام والأخذ منه، فهو حرام مؤكد، لأنه حق الجميع، حرم الاسلام السرقة والاختلاس والخيانة،
E N D
تحريم الأخذ من المال العام إعداد جنات عبد العزيز دنيا
وضع الاسلام أسس في التعامل مع المال العام والمرافق العامة ؛ ومن هذه الأسس: 1 - تحريم مد اليد الى المال العام والأخذ منه، فهو حرام مؤكد، لأنه حق الجميع،حرم الاسلام السرقة والاختلاس والخيانة، وليس أعظم بشاعة من الخيانة يقول جل وعلا "ياأيهاالذين آمنوا لاتخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وانتم تعلمون" سورة الأنفال آية (27)، وبين أنه لايحب الخائنين، ولقد استعاذ الرسول صلى الله عليه وسلم من الخيانة فقال: "اللهم إني اعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، واعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة" رواه النسائي وأبو داود وابن ماجة.
2 - القصد والإعتدال فى إستخدام وصيانة المال العام منالعبث والاسراف في الاستعمال كاستخدام الكهرباءوالماء والمواد الانشائية ونحو ذلك، فالانسان كما يقتصد ويعتدل في الانفاق من أمواله الخاصة يجب كذلك أن يعتدل ويقتصد في الأموال العامة ، ولقد حرم الاسلام الاسراف فقال تعالى: "ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" سورة الأعراف آية (31). 3 - السعي الى إصلاح ما يتلف من المرافق العامة وبالتالي عدم إتلافها بطريق العبث أو قصد الفساد والتخريبوهي مسؤولية مشتركة على الجميع، قال عليه الصلاة والسلام: "كلكم راع وكلكممسؤول عن رعيته" رواه البخاري وأبو داود وأحمد.
4 - حراسة الأموال العامة والممتلكات العامة لئلا تتعرض للتخريب أو السرقة ويجب محاسبة من يعبث بها أو يسيء استعمالها فلابد من محاسبة السارق والمختلس أو المهمل في المرافق العامة وأن توضع العقوبة الرادعة .روى البخاري ومسلم بعث الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) واليا يجمع صدقات الأزد - قبيلة - فلما جاء إلى الرسول أمسك بعض ما معه وقال :“ هذا لكم وهذالي هدية فغضب النبي وقال : ألا جلست في بيت أبيك وبيت أمكحتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا ثم قال : ما لي أستعمل الرجل منكم فيقول : هذا لكم وهذا لي هدية ألا جلس في بيت أمه ليهدى له والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حق إلا أتى الله ليحمله - يعني يوم القيامة -
فلا يأتين أحدكم يوم القيامة ببعير له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر- ثم رفع يديه حتى رئي بياض إبطيه - ثم قال : اللهم هل بلغت“ (حديث صحيح – أخرجه الألبانى). 5 - طاعة ولي الأمر واجبة في اتباع كل ما من شأنه أن يبين ويوضح كيفية التعامل مع المرافق العامة والممتلكات العامة وهذا يعني أن القوانين والأوامر والتعليمات التي وضعت في كيفية استعمال المرافق العامةالعامة ينبغي تطبيقهاامتثالا لقوله تعالى: "ياأيها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم“ سورة النساء آية (59).
إن الاعتداء على المال العام؛هو أكل مال حرام له عواقبه السيئة في الدين والخلق وعلى النفس والعيال وعلى المجتمع؛ فالمعتدي على المال العام سارق، وقد نفى الرسول صلى الله عليه وسلم الايمان عن السارق حيث قال: " لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن" رواه الترمذي والنسائي وأحمد. وهو منافق لأنه خان الأمانة ففي الحديث: "آية المنافق ثلاث.. “ وذكر منها،” وإذا اؤتمن خان" رواه أحمد والبخاري ومسلم، وفيالحديث: "لا دين لمن لا أمانة له" رواه الطبراني. وهو يضربالعيال والنفس، لأنه يأكل حراماً ويطعمهم حراماً
وفي الحديث: "كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به" رواه البيهقي في شعب الايمان وأبو نعيم في الحلية. وهى مسؤولية يسأل عنه يوم القيامة ففي الحديث: "لاتزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع" رواه الطبراني، وذكر منها، "وعن ماله من أين اكتسبه وفيما انفقه". كما أن الاعتداء على المال العام غلول وقد قال تعالى: "ومنيغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كلُّ نفس ما كسبت وهم لايظلمون" سورة آل عمران آية (161)، وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم رجلاً سرق شملة من الغنائم - وهي قطعة قماش صغيرة – ذكرأنه في النار، فقال:"والذي نفسي بيده
إن الشملة التي اخذها يوم خيبر لتشتعل عليه ناراً" رواه مسلم، فلما سمعوا كلامه صلى الله عليه وسلم جاء رجل بشراك او بشراكين للنبي صلى الله عليه وسلم. وهذه دعوة لكل من اعتدى على المال العام ليتوب ويرد ماأخذ حكما لأن أكل الاموال العامة يلحق الضرر بالاقتصاد ويدمره. وأن الاعتداء على المال العام يذهب بركة مال الانسان ويفتح عليه أبواباً كثيرة من الانفاق، فقد يمرض ولده أو هو أو زوجته ويحتاج إلى كثير من النفقات وذلك من باب العقوبة الربانية، والله أعلم.
إن تاريخنا يزخر بنماذج عظيمة في المحافظة على المال العام نذكر منها قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أحد جنوده الذي جاء بكنوز من الذهب والفضة من احدى المعارك وهي غنيمة للمسلمين وقعت تحت يد هذا الجندي الأمين فجاء بها الى عمر ووضعها بين يديه فقال رجل من الحاضرين: عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا . وقصة عمر بن عبد العزيز الذي كان إذا أراد أن يتكلم في حاجة خاصة من حوائجه أطفأ الشمعة التي هي من بيت مال المسلمين ثم أضاء شمعة من ماله الخاص.
ونحن والحمد لله تعالى مانزال نسمع أن في مجتمعنا من يتعفف حتى عن استعمال الأوراق البيضاء من مال الأمة فلا يدخلها في بيته ليكتب عليها ما يتعلق بمصالحه الشخصية. كما لانزال نسمع عن مسؤولين راقبوا الله تعالى فلم يستعملوا السيارات الحكومية إلا في اغراضها الرسمية، ويتنزهون عن استعمالها في الاغراض الشخصية، فالخير في هذه الأمة موجود وموصول والحمد لله، والذكرى تنفع المؤمنين.
يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس (رئيس قسم الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، و الخبير الفقهي في مجمعالفقه الإسلامي بمكة المكرمة)فى مقالة له بعنوان قبسات فقهية ... الحفاظ على المال العام : الدولة الإسلامية أمينة على المال العام، فلا يحق لها التفريط فيه، أو إساءة استخدامه أو توزيعه حسب الهوى، بل لا بد من مراعاة الضوابط الشرعية في ذلك كله، وإنفاقه في وجوهه المشروعة، ورسالة الإسلام وهديه في الحكم قائمة على مثل أخلاقية عليا ينبغي تحقيقها: من الصدق والأمانة والبر والرحمة والعفو والصفح والعدل وما سوى ذلك من مكارم الأخلاق
ومحاسن الصفات، فمن استرعاه الله على مال عام، ينبغي أن يعلم أنه ليس مخوّلاً في أن يفعل به ما يشاء، وأن يتخوّض فيه بغير حق، بل عليه أن يستشعر أن موقعه من المالالعام خطير وأنه عن كل شيء محاسب مسؤول، وأن يده لا تطلق في هذا المال من جميع الوجوه، بل هي مقيدة مغلولة بقيود الشرع وضوابطه، التي لابد من مراعاتها عند إنفاق هذا المال في وجوه الصرف المختلفة،ومما يدل على ذلك قول الله تعالى: ”وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامةثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون“، (الغلول: هو الخيانة في المغْنَم، والسرِقَة من الغَنِيمة قبل القِسْمة).
قال ابن عباس وعكرمة وابن جبير: نزلت هذه الآية بسبب قطيفة حمراء فُقدت في المغانم يوم بدر، فقال بعض من كان مع النبي صلى الله عليه وسلم: لعل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذها؛ فنزلت الآية، فالنفي هنا لإمكان وقوع الفعل وليس لحله أو جوازه، فهنا يأتي السياق بحكم عام ينفي عن الأنبياء عامة إمكان أن يغلوا، ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة، قال القرطبي: ”أي يأتي به حاملاً له على ظهره ورقبته، معذباً بحمله وثقله، مرعوباً بصوته، وموبخاً بإظهار خيانته على رؤوس الأشهاد“،وإذا كانت الآية نزلت في سبب خاص يتعلق بحادثة معينة في زمان النبي صلى الله عليه وسلم،
فإنها تعم كل غلول، وكل اعتداء على المال العام، وكل إساءة للتصرف فيه، وكل خيانة؛ لما تقرر عند أهل الأصولمن أن “العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب“. ومن الأحاديث الدالة على وجوب الحفاظ على المال العام، وعدم تضييعه أو إنفاقه في غير وجوهه المشروعة: ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” ردوا الخياط والمخيط، فإن الغلول عار ونار وشنار على أهله يوم القيامة“، (الشنار: هو العيب)، فالحديث يوجب رد كل شيء من المال العام وإن تدنت قيمته، بمقدار قيمة المخيط والخيط.
وروي عن عدي بن عميرة الكندي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”من استعملناه منكم على عمل فكتمَنا مخيطاً فما فوقه، فهو غلول يأتي به يوم القيامة، فقام رجل من الأنصار أسود، كأني أنظر إليه، فقال: يا رسول الله، اقبل عني عملك، قال: وما ذاك؟، قال: سمعتك تقول كذا وكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنا أقوله الآن: ألا من استعملناه على عمل فليجئ بقليله وكثيره، فما أعطي منه أخذ، وما نهي عنه انتهى“، وهذا يدل على أن يد الموظف على المال العام مقيدة بضوابط الشرع، وأنه لا ينفق منه إلا ما أذن له فيه،
ولا يأخذ منه إلا ما أعطيه، وأما ما أخذه منه ولو كان قليلاً فيجب عليه رده إلى موضعه، وروي عن أبي رافع رضي الله عنه قال: ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصر ربما ذهب إلى بني عبد الأشهل، فيتحدث معهم حتى ينحدر إلى المغرب إذ مر بالبقيع، فقال: أُف لك، فلزقت في درعي وتأخرت وظننت أنه يريدني، فقال: مالك؟، فقلت: أحدثت حدثاً يا رسول الله؟، قال: وما ذاك؟، قلت: إنك قلت لي كذا، قال: لا، ولكن هذا قبر فلان بعثته ساعياً على آل فلان فغل نمرة، فدُرع الآن مثلها من نار“، (والنمرة: بردة من صوف)،
وهذا الحديث يدل على أن من أخذ من المال العام شيئا عذب به في قبره كما يعذب به يوم القيامة، وروي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: ” بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فلما سرت، أرسل في أثري فردني، فقال: أتدري لم بعثتُ إليك؟ لا تصيبن شيئاً بغير إذني فهو غلول، ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة، لهذا دعوتك فامض لعملك“، وهذا الحديث في دلالته على حرمة الأخذ من المال العام بغير إذن كالحديث السابق والذي يليه، كما أن فيه تحذيرا من ذلك، وروي عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: ”بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعياً، ثم قال: انطلق أبا مسعود،
ولا ألفينك يوم القيامة تأتي على ظهرك بعير من إبل الصدقة، له رغاء قد غللته“. فأين هذا مما يفعله كثير من موظفي الدولة في أيامنا هذه، من الاستيلاء على المال العام بحيل خبيثة ربما يغفل الشيطان عنها، ويستحلون ما أخذوا ويستمرئونه، وكأنهم بهذه الحيل ووسائل الخداع ناجون من عذاب الله يوم القيامة، ولكن هيهات بعد هذا الوعيد الشديد الوارد في نصوص الشرع لمن يفعله، فلا يظنن ظان أنه إن فعل ذلك ناج من المحاسبة عليه مهما اتبع من حيل لتغطية فعلته، أو خادع للتمويه على سوء ما أقدم عليه.
وأخيرا نقول: واجب الجميع أن يحرصوا على المحافظة على الأموال العامة حرصهم على أموالهم الخاصة، بل أشد، لأن منفعة المال العام عامة للجميع وفيه حق الأمة وهو مقدم على حق الفرد. gannatdonya@gmail.com