الفصل التاسع

1. الفصل التاسع التخلف والتنمية الإقتصادية في الإسلام أولاً: تعريف التخلف الإقتصادي ثانياً: أهم الخصائص الإقتصادية للتخلف ثالثاً: تفسير ظاهرة التخلف الاقتصادي رابعاً: نظريات التنمية الاقتصادية خامساً: الإسلام والتنمية الاقتصادية

2. أولاً: تعريف التخلف الإقتصادي • التخلف مسألة نسبية، والقول بأن دولة متخلفة، يعني أنها متخلفة نسبة إلي دولة أخري أو مجموعة من الدول، وهناك العديد منالمعايير المستخدمة لتعريف التخلف الاقتصادي، من أهمها:- • متوسط الدخل الفردي .( وهو أهم هذه المعايير) • طبيعة النشاط الاقتصادي ( زراعي ، صناعي) . • متوسط الاستهلاك من الطاقة . • الكثافة السكانية . • اتخذ البعض من غنى الدول أساساً للتفريق، فالدولة الغنية هي المتقدمة . • درجة استغلال الموارد في الإنتاج. • معايير أخرى مثل المناخ والتاريخ .

3. عدد الدول المتخلفة أو النامية • طبقاً لبيانات الأمم المتحدة يبلغ عدد الدول النامية 160 دولة، وهي دول تقع في قارات أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وتصنف هذه الدول إلى أربع مجموعات رئيسية وهي: • الدول النامية حديثة العهد بالتصنيع وعددها 11 دولة. • الدول النامية الغنية (دول منظمة الأوبك) وعددها 13 دولة. • الدول النامية متوسطة الدخل وعددها 73 دولة. • الدول النامية منخفضة الدخل وعددها 63 دولة. • المجموع 160 دولة

4. ثانياً: أهم الخصائص الإقتصادية للتخلف أولاً: انخفاض متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي الحقيقي: • قام البنك الدولي في عام 2003 بتقسيم دول العالم وفقاً لمتوسط نصيب الفرد من الدخل القومي إلى ثلاث مجموعات هي: • مجموعة الدول ذات الدخل المرتفع: وهي تلك الدول التي يزيد متوسط نصيب الفرد من الدخل فيها عن 9205 دولار سنوياً. • مجموعة الدول ذات الدخل المتوسط: وهي التي يتراوح متوسط نصيب الفرد من الدخل فيها بين 746 دولار إلى 9205 دولار سنوياً. • مجموعة الدول ذات الدخل المنخفض: وهي تلك الدول التي يقل متوسط نصيب الفرد من الدخل فيها عن 746 دولار سنوياً.

5. جدول يوضح متوسط نصيب الفرد من الدخل في العالم، وكيفية توزيع الدخل بين دول العالم

6. متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي في عام 2001، ومتوسط معدل النمو السنوي خلال الفترة (1990-2001) في بعض الدول النامية والدول المتقدمة.

7. ثانياً: التبعية التجارية للخارج • تعمقت التبعية التجارية باعتماد الدول النامية على تصدير عدد قليل من المنتجات الأولية إلى الدول المتقدمة مقابل استيرادها للمنتجات الصناعية. • خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي مثلت المنتجات الأولية (منتجات غذائية ومعادن خام) حوالي 95% من صادرات الدول النامية.

8. ثالثاً: ظاهرة الثنائية الاقتصادية • التبعية التجارية للخارج أوجدت ظاهرة في الدول النامية هي ظاهرة الثنائية الاقتصادية ونعني بها انقسام الاقتصاد القومي إلى قطاعين:- • الأول/ كبير نسبياً وشديد التخلف وهو في العادة زراعي يرتبط بالسوق المحلي ورأس المال المحلي، ويتميز بانخفاض الكفاءة الإنتاجية ومستويات الأجور. • الثاني/ صغير نسبياً ومتقدم، وعادة ما يكون صناعياً أو تعدينياً أو تمويلياً أو زراعياً حديثاً، غير أن هذا القطاع يرتبط عادة بالمستعمر ويعتبر جيباً أجنبياً وهو يعتمد على رؤوس الأموال الأجنبية، ويتميز بارتفاع الكفاءة الفنية ومستويات الأجور ولا يرتبط القطاعان السابقان ببعضهما إلا بأضعف الصلات.

9. انخفاض انتاجية عنصر العمل انخفاض القوة الشرائية والطلب على السلع انخفاض حجم رأس المال انخفاض الدخل انخفاض الحافز على الاستثمار انخفاض القدرة على الإدخار انخفاض انتاجية عنصر العمل انخفاض حجم رأس المال رابعاً:- حلقات الفقر الخبيثة أو المفرغة:وهي تمثل أحد خصائص التخلف الاقتصادي وهي ناتجة عن انخفاض مستويات الدخول ومستويات الادخار والاستثمار وانخفاض انتاجية عنصر العمل. وتعاني الدول النامية من وجود حلقتين من حلقات الفقر المفرغة، إحداهما على جانب العرض والأخرى على جانب الطلب وذلك كما هو موضح في الشكل التالي: • حلقات الفقر المفرغة في الدول النامية

10. خامساً:-الاعتماد الشديد على النشاط الزراعي • تعتمد معظم الدول النامية على النشاط الزراعي كمصدر أساسي في توليد الناتج المحلي الإجمالي، واستيعاب الجزء الأكبر من العمالة في هذه الدول، حيث يشكل الناتج المحلي الإجمالي المتولد من القطاع الزراعي حوالي ثلث الناتج المحلي الإجمالي من الدول النامية بصفة عامة، كما يستوعب القطاع الزراعي ما يفوق 50% من القوة العاملة في هذه الدول، فوفقاً لبيانات عام 1993م، مثل الناتج الزراعي حوالي 37% من الناتج المحلي الإجمالي في الدول النامية منخفضة الدخل، و 12% من الدول النامية متوسطة الدخل، في مقابل 3% فقط من الناتج المحلي الإجمالي في الدول المتقدمة.

11. سادساً:- قصور الخبرات الإدارية والتنظيمية • من أجل القيام بعملية نمو اقتصادي حقيقية لا بد من توفر طبقة من المنظمين الأكفاء، تتوفر لديهم روح المغامرة والرغبة في تنفيذ استثمارات طويلة الأجل التي تحقق إنتاجاً كبيراً وأرباحاً مرتفعة. • وتعاني الدول النامية من نقص شديد في هذه الطبقة، حيث يسعى المستثمرون في هذه الدول إلى الربح السريع، واللجوء إلى الاستثمارات قصيرة الأجل في النشاط التجاري والخدمي، التي لا تنطوي على درجة عالية من المخاطرة.

12. سابعاً:- انخفاض مستوى التعليم والتدريب أو ما يسمى برأس المال البشري • تعاني الدول النامية من ضعف إمكانيات التدريب مما يحد من توافر الكفاءات الإدارية والتنظيمية والعمالة المدربة والماهرة وكل ذلك يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية المتوسطة لعنصر العمل بها. • ثامناً:- انخفاض المستوى الصحي والغذائي • يوجد ارتباطاً قوياً بين الحالة الصحية للشخص وإنتاجيته، حيث أن سوء التغذية في الطفولة يقيد النمو الذهني والجسماني للأفراد، كما أن عدم كفاية الغذاء وعاداته السيئة وانخفاض مستويات الصحة العامة في السنوات التالية، تسبب تدهوراً في صحة العامل وتضعف من قدرته على العمل والانتظام فيه مما يسبب في انخفاض إنتاجية عنصر العمل.

13. تاسعاً:- ارتفاع معدلات البطالة • - تتمثل البطالة في وجود أشخاص في مجتمع معين قادرين على العمل ومؤهلين له – بالنوع والمستوى المطلوبين- وراغبين فيه، وباحثين عنه، وموافقين على الولوج فيه في ظل الأجور السائدة ولا يجدونه خلال فترة زمنية معينة. • وتقاس البطالة في العادة بما يسمى بمعدل البطالة Unemployment Rate. • معدل البطالة = عدد العاطلين عن العمل / إجمالي القوة العاملة X 100 • إجمالي القوة العاملة = حجم العمالة + حجم البطالة. • والقوة العاملة من السكان هم جميع القادرين على العمل والراغبين فيه والباحثين عنه ويتم في العادة استبعاد الأطفال دون سن العمل وكبار السن والمتقاعدين والعاجزين وربات البيوت غير الراغبات في العمل والطلاب بأنواعهم.

14. ثالثاً: تفسير ظاهرة التخلف الاقتصادي • ذكر (الدكتور عبد الحميد الغزالي) أن هناك مدارس ومناهج مختلفة لتفسير التخلف . • ( 1 ) المناهج الفردية : ترجع التخلف الاقتصادي إلى عامل واحد فقط مثل ندرة رأس المال، أو ندرة التنظيم، أو ندرة العمل الماهر، أو ندرة الموارد الطبيعية. • ( 2 ) المناهج الجزئية ، وهي نوعين : • المنهج الكمي : وهو يرجع التخلف إلى عوامل يمكن قياسها كمياً (الموارد الانتاجية) . • المنهج الاجتماعي : وهو يعزي التخلف إلى عوامل اجتماعية غير قابلة للقياس مثل (العوامل السياسية والثقافية) . • ( 3 ) المنهج الشامل : وهو يعزي التخلف إلى كل من المنهج الكمي والاجتماعي .

15. رابعاً: نظريات التنمية الاقتصادية * الفرق بين التنمية والنمو الاقتصادي : • النمو الاقتصادي : هو زيادة الانتاج من السلع والخدمات مع مرور الزمن وفي هذا المجال نجد أن النمو يركز على : • زيادة الانتاج . • مقارنة النمو الاقتصادي بالنمو السكاني . • عدم ادخال أي عوامل أخرى غير اقتصادية . • التنمية الاقتصادية:هي عملية شاملة تتضمن إلى جانب النمو الاقتصادي أمور أخرى . • ارتفاع نصيب الفرد من الدخل القومي. • تغييرات أساسية في الهياكل الاقتصادية . • عوامل أخرى اجتماعية وسياسية وثقافية . • يكون لسكان الدولة النصيب الأكبر في عملية التنمية الإقتصادية. • تحقيق عدالة أكبر في توزيع الدخل.

16. توجد الكثير من النظرات التي ناقشت التنمية الاقتصادية ونذكر منها : ( 1 ) نظرية الدفعة القوية : ((Big Push أو النمو المتوازن: • تعني هذه النظرية ما يلي: • بذل دفعة قوية تقود الاقتصاد إلى نمو متوازن في مختلف الأنشطة الاستثمارية . • هذا يقود إلى وفورات خارجية، مما يقود إلي انخفاض في التكاليف والأسعار ومن ثم زيادة في الدخول بمعدلات كبيرة تؤدي إلي زيادة الادخار والاستثمار، بما يزيد في تمويل للتنمية ذاتياً . • يحتاج هذا الأسلوب للتنمية إلى تمويل كبير قد لا يكون متوفر للدول النامية .

17. ( 2 ) نظرية الأسلوب الانتقائي : The selective Approach أو النمو غير المتوازن • تعتمد هذه النظرية علي ما يلي:- • بذل دفعة قوية في فروع انتاجية منتقاة ورائدة، مثل السدود ومصانع الصلب ومصافي البترول. أو في قطاع اقتصادي محدد كالقطاع الزراعي أو الصناعي أو الخدماتي. • يشترط في هذه الفروع الانتاجية أن تحدث تكامل مع غيرها من القطاعات . • تحدث آثار وروابط أمامية وخلفية في الاقتصاد . • هذا يؤدي إلى إشعاعات تنموية تكون أساسية للتنمية المتجددة ذاتياً . • قد تكون هذه النظرية مناسبة للدول النامية لإنها لا تحتاج إلى تمويل كبير .

18. خامساً: الإسلام والتنمية الاقتصادية عرف ( عبد الحق الشكيري ) التنمية الاقتصادية بأنها : • (هي تنشيط الاقتصاد الوطني وتحويله من حالة الركود والثبات إلى حالة الحركة والديناميكية ، عن طريق زيادة مقدرة الاقتصاد الوطني على تحقيق زيادة سنوية ملموسة في اجمالي الناتج الوطني مع تغيير في هياكل الانتاج ووسائله). حسب التعريف السابق تشمل التنمية الإقتصادية: • أ- تنشيط الاقتصاد الوطني . • ب- تحويله من حالة الركود والثبات إلى الحركة والديناميكية . • ج- زيادة مقدرة الاقتصاد على تحقيق نمو في الناتج . • د- تغيير هياكل الانتاج ووسائله .

19. نظرة الإسلام للتنمية الاقتصادية • الإسلام بنظرته الشمولية والواقعية لمجمل قضايا الإنسان وأمور حياته أعد نظرة شمولية لمسألة التنمية الاقتصادية . • الإسلام استطاع أن يضع يده على جوهر المشكلة وهي الجهل ثم الفقر . • الإسلام اعتبر الإنسان حجر الأساس من خلال اعتباره وسيلة وغاية التنمية . • اهتم الإسلام ببناء الإنسان مادياً وروحياً، بتوازن لا يطغي فيه أحد الجانبين علي الآخر . • توظيف وحشد جميع الطاقات من خلال اعتماد الإسلام للمسئولية الفردية والجماعية. • اعتراف الإسلام بأنواع الملكية المختلفة أفسح المجال واسعاً لمساهمة الجميع في التنمية الاقتصادية . • تكريم الله للإنسان وجعله خلفية في الأرض يعتبر من أهم الحوافز للتنمية . • التنمية الاقتصادية هي فريضة دينية ودائمة ومستمرة حتى قيام الساعة .

20. الصيغة الإسلامية للتنمية الاقتصادية • اعتمد الإسلام ثلاث صيغ أساسية للتنمية الاقتصادية وهي : • ( 1 ) هي تنمية شاملة : • تشمل الإنسان كله مادته وروحه، ولا تفصل بين المادة والروح . • لا نقبل تنمية رأسمالية تضمن حرية فكرية وحرية التعبير، ولا تضمن كفاية الحاجات المادية، ولا تنمية اشتراكية تضمن الخبز وتقتل حرية التعبير . • ( 2 ) هي تنمية متوازنة : حيث يتحقق التوازن في ناحيتين: • الناحية الأولي:تهدف إلى زيادة الانتاج المقرونة بعدالة التوزيع لقوله تعالى ”وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون“ . • عدالة التوزيع دون كفاية الانتاج هي توزيع للفقر مما يرفضه الإسلام . • كفاية الانتاج مع سوء التوزيع هو احتكار لا يقبله الإسلام أيضاً . • الناحية الثانية: تضمن التنمية في الإسلام تحقيق حد الكفاية لا حد الكفاف

21. ( 3 ) هي تنمية غايتها الإنسان نفسه : • فهي ليست تنمية رأسمالية باعثها الربح، مما يؤدي إلى انحراف الانتاج عن توفير الاحتياجات الضرورية للمجتمع مع وفرة السلع الكمالية التي يطلبها الأغنياء المرفهون . • هي تنمية ليست اشتراكية باعثها سد احتياجات الدولة حسب أطماع القائمين عليها . • الإنسان هو وسيلة التنمية وغايتها، فالإنسان هو محور التنمية الحقيقية .

22. أهم الأسس التي تضمن نجاح واستمرار العملية التنموية في الإسلام. • ( 1 ) الارتفاع بالتنمية إلى مرتبة العبادة : • حث الإسلام على العمل والإنتاج واعتبره مقربة لله سبحانه وتعالى .يقول صلي الله عليه وسلم( من أمسي كالاً من عمل يده بات مغفوراً). ويقول أيضاً ( إن من الذنوب ما لا يكفره إلا السعي في طلب الرزق).وقال عليه السلام ( أخوه أعبد منه ) عن رجل يلتزم المسجد وأخوه يعمل ويطعمه. • أمر الإسلام بإتقان العمل . • ساوى الإسلام بين المجاهدين في سبيل الله والساعين في طلب الرزق. يقول تعالي(وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله).(المزمل،20). • ( 2 ) التنمية الاقتصادية تحتاج للمشاركة الشعبية : • التنمية تحتاج للعمل الجماهيري والشعور بالمسئولية لأجل تحقيق إرادة التغيير ضد التخلف والفقر . • لا أحد يمكنه أن يقود التنمية لصالح الشعب دون مشاركة الشعب نفسه.

23. ( 3 ) الأخذ بالأساليب العلمية والتقنية الملائمة : • المقصود هو استخدام الأساليب العلمية الملائمة وليس بالضرورة الحديثة . • ليس بالضرورة استيراد كل ما هو عند الغرب من تكنولوجيا . • تحديد الأهداف والأولويات حسب ما يناسب مجتمعنا . • ( 4 ) ترشيد الاستهلاك وتوجيه الفائض الاقتصادي لأغراض التنمية : • هو سلوك ديني واجتماعي مطلوب . • عدم إغراق الشعوب الإسلامية بالسلوكيات الاستهلاكية التي لا طائل من وراءها . • الابتعاد عن الانفاق البذخي الكبير من قصور فارهة ومطارات حديثة ومعدات لا تستخدم. • ( 5 ) الالتزام بأولويات التنمية والمعالجة الجذرية لمعوقاتها : • نقطة البداية هي تحسين البنية التحتية من مرافق عامة وتجهيزات . • قال تعالى ”وبئر معطلة وقصر مشيد“ . حيث انتقد القرآن الكريم أناساً يهملون البنية التحتية ويهتمون بالمباني الفارهة. • الابتعاد عن مظاهر البذخ التي لا طائل من وراءها .