160 likes | 314 Views
رعاية القصر في الشريعة الإسلامية والقانون الماليزي الأيتام واللقطاء أنموذجا. د. سعيد محمد بوهراوة كلية أحمد إبراهيم للحقوق قسم الشريعة الإسلامية الجامعة الإسلامية العالمية ماليزيا. أهداف ال ورقة.
E N D
رعاية القصر في الشريعة الإسلامية والقانون الماليزي الأيتام واللقطاء أنموذجا د. سعيد محمد بوهراوة كلية أحمد إبراهيم للحقوق قسم الشريعة الإسلامية الجامعة الإسلامية العالمية ماليزيا
أهداف الورقة • بيان مزايا شريعتنا الغراء التي جاءت رحمة للعالمين، ورامت تحقيق مصلحة العباد في المعاش والمعاد، ورسمت خطوات ناظمة لتحقيق هذا الهدف • بيان تجسد هذه المعاني في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم التي حفلت بمعاني التراحم والتآزر والتعاون على البر والتقوى، والحث على رعاية ذوي الاحتياجات لاسيما القصر منهم حيث نبهت سيرته إلى أهمية رحمة الكبير الصغير، ورعاية الأيتام واللقطاء وذوي العاهات • بيان جوانب مساهمة القانون الماليزي في تطوير المؤسسات القانونية والتأهيلية، وتحديث التشريعات القانونية بهدف حماية الطفل الماليزي حماية شاملة. • بيان أهمية رعاية الأيتام واللقطاء كونهم يمثلون حجر الزاوية في رعاية القصر، ومنطلق أي إصلاح قانوني يرمي إلى رفد المؤسسات المنظرة لقوانين رعاية القصر برصيد قانوني وخبرة تنظيرية تكون معينا لها في عملها النبيل.
مصطلحات البحث • معنى القصّر: القصّر جمع قاصر. ومن معانيه: التبييض. وعدم بلوغ الشيء، والإمساك مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الشيء • أما الاصطلاح الشرعي فالقاصر: كل شخص لم يتم السنة الثامنة عشر من عمره بالتقويم الميلادي مبدأ المسئولية التي تفصل بين القاصر والرشيد، وعرف بأنه كل من يجب عليه قانوناً أو اتفاقاً رقابة شخص في حاجة إلى الرقابة • معنى اليتيم: اليتيم في اللغة مأخوذ من اليتم وهو الإنفراد، واليتيم المنفرد من كل شيء، يقال صبي يتيم وبيت من الشعر يتيم. أما في الإصطلاح فهو الذي مات أبوه وهو دون البلوغ. • معنى اللقطاء: في اللغة ما يلقط أي يرفع عن الأرض، وقد غلب على الصبي المنبوذ • وفي الإصطلاح عرف بتعريفات كثيرة منها تعريف السرخسي الذي عرفه بأنه:" اسم لحي مولود طرحه أهله خوفا من العيلة، أو فرارا من تهمة الزنا. • المقصود بالرعاية: الرعاية بالمعنى الفقهي والقانوني معناها العناية بتعليمهم وتأديبهم وإحاطتهم بأوفى قدر من حقوق الرعاية المادية والأدبية، وملاحظتهم، وتدبيرهم وإمدادهم بوسائل التربية الصالحة للإبقاء على سيرتهم سوية نقية، والبعد بهم عن مزالق الانحراف في السلوك والشذوذ في التصرفات
رعاية الأيتام واللقطاء في الشريعة الإسلامية • ترغيب الإسلام في رعاية الأيتام واللقطاء. • حظ الأيتام في هذا الترغيب أكثر من حظ اللقطاء لاعتبارات موضوعية تتعلق بعدد الأيتام الطبيعي مقارنة بعدد اللقطاء، وكذلك لأن ظاهرة اليتم ظاهرة طبيعية حاضرة في جميع المجتمعات حتى وإن كانت في قمة التزامها الإسلامي، أما اللقطاء، فظاهرة استثنائية تظهر غالبا عندما تنحرف المجتمعات عن سواء السبيل، وعندما يغيب الحسن الإنساني عند الأم فترمي وليدها خوفا من التهمة إن كان اللقيط ولد زنا، أو عند الأم والأب إذا غاب عنهما البعد الإيماني والشعور بالمسؤولية والأمانة، وقلما يتعلق الأمر بضياع طبيعي للولد، لأن الوسائل الحديثة سهلت استرجاعه من خلال مراكز الشرطة والدوائر المتخصصة في هذا الشأن.
الأيتام والقصر في ماليزيا • تعذر الحصول على إحصاءات لنسبة أو عدد الأيتام في ماليزيا لتداخل قضية اليتم مع موضوع الحضانة، ولأن اليتيم في الغالب الأعم يحتاج إلى رعاية إضافية كونه يتلقى غالبا الرعاية الأولية من قبل أمه إن كانت حية أو وليه. • إحصاءات وزارة الصحة الماليزية بينت أن عدد الأيتام لآباء توفوا بفعل مرض نقص المناعة إلى غاية 2003م بلغ 5500 يتيم. وهو يبين أن عدد الأيتام في ماليزيا ليس بالقليل. • دور اليتامى والمدارس الدينية المخصصة لليتامى المنتشرة في ماليزيا والتي تعد بالمئات تدل على حضور هذه الظاهرة في البلد. وبالرغم من كون نسبة الفقر في ماليزيا قليلة حيث أن الدولة استطاعت أن تتجاوز مشكلة الفقر التي كانت سنة 1970م 50% وصارت سنة 2003م 5.7% غير أن الملاحظ أن معظم اليتامى في ماليزيا ليسوا من الطبقة الغنية، الأمر الذي يجعل الكلام عن الرعاية ينصب غالبا على توفير مستلزمات الحياة الأساسية. • أما اللقطاء فظاهرة بارزة في ماليزيا، وقد بدأت في التزايد المنذر بالخطر على المجتمع، وقد سجلت الإحصاءات من سنة 1990م إلى 1997م تحويل 430 طفلا منبوذا إلى قسم الخدمات الاجتماعية بوزارة المرأة والأسرة وتنمية المجتمع، كما سجلت الإحصاءات تزايد عدد المنبوذين من سنة 1998م إلى غاية مارس سنة 2003 حيث بلغ عددهم 469 منبوذا، وهو ما اعتبرته الوزراة عددا كبيرا.
قوانين رعاية الأيتام واللقطاء في ماليزيا • التقنين لرعاية الأيتام واللقطاء في ماليزيا بدأ بقانون الطفل لسنة 1922م • القانون المحلي لسنة 1939م، وقانون الأطفال والشباب لسنة 1947م، وقانون حماية الطفل لسنة 1991م. • بعد مصادقة ماليزيا على معاهدة حماية الطفل للأمم المتحدة صارت قضايا القصر تقع على عاتق قانون الطفل 2001م CHILD ACT 2001 ( ACT 611). • توجد إضافة إلى القانون حماية الطفل التشريعات الإسلامية التي تضعها المجالس التشريعية الولائية، والقرارات البرلمانية والتعليمات التكميلية التي تضعها الوزارات من أجل تفعيل تطبيق قانون حماية الطفل • رعاية الأيتام واللقطاء في القانون الماليزي يتناوله قانون الطفل 2001م الذي تعتمده المحاكم المدنية، وهذا القانون والقوانين السابقة لا تفرق في تشريعاتها بين الطفل المسلم وغير المسلم. • رعاية الأيتام واللقطاء في التشريعات الإسلامية يقع على عاتق قانون الحضانة والكفالة الذي يعتمده قانون الأسرة الإسلامي الصادر عن المجالس التشريعية الولائية وهي في الغالب إسلامية، وهي تسمى بالإنجليزية ISLAMIC ENACTMENTS. • من منطاف حرص دولة ماليزيا أن تكون طرفا فاعلا في المجتمع الدولي، التزمت بجل القوانين والمواثيق الدولية. وقانون حماية الطفل الذي صادقت عليه الأمم المتحدة في 20 نوفمبر سنة 1989م، من المواثيق التي التزمت بها ماليزيا، فقد وقعت عليه في 23 ديسمبر سنة 1994م، وصادقت عليه في فبراير سنة 1995م مع التحفظ على بعض المواد. وقد ارتكز تعديل هذه المواد على تحفظ القانوني الماليزي الذي نص على أن:" الحكومة الماليزية تقبل تدابير قوانين حماية الطفل، ولكنها تعبر عن تحفظها على المادة:1 و2 و7 و13 و14 و15 و 28 (الفقرة 1 A))) و37، لأن تطبيق قانون حماية الطفل لا يتم إلا إذا توافق ودستور البلاد، وكذا سياسات الحكومة الماليزية" • القانون الماليزي لحماية الطفل يدرج الأيتام واللقطاء ضمن الأطفال الذين يحتاجون إلى حماية
التدابير القانونية لرعاية القصر في ماليزيا • تأسيس مجلس تنسيقي لحماية القاصر، يتم فيه تحديد أعضائه، واجتماعاته، وتحديد الفريق الذي يشرف على هذه الحماية، والجهة الرسمية المكلفة برعاية القصر بمن فيهم الأيتام واللقطاء هي "وزارة المرأة والأسرة وتنمية المجتمع" Ministry of Women, Family & Community Development، والقسم المعني بهذه الرعاية هو قسم الخدمات الإجتماعية Department of Social Welfare. • تعيين المراقبين الذي يسهرون على التأكد من حسن رعاية المتبنين أو الكافلين أو الحاضين للطفل المحتاج إلى رعاية، ويتم تعيين المسجل العام والمسجل، والموظف المكلف بتقييم رعاية الطفل، للتأكد من حسن سير الأمور، وهو مطالب بأن يرفع تقريرا دوريا عن الطفل الذي يحتاج إلى الرعاية • تأسيس محكمة للقصر الذين يرتكبون مخالفات يتم فيها تحديد الإجراءات التي تضمن محاكمة عادلة وملائمة لأعمارهم. • تأسيس مراكز لرعاية ذوي الحاجة إلى رعاية يشرف عليها قسم الخدمات الإجتماعية في وزارة المرأة والأسرة وتنمية المجتمع. وقد كان آخر مشروع قدمته الحكومة الماليزية مشروع "بيت الأمل" للأيتام واللقطاء الذي يضم جميع المرافق التي يحتاجها الطفل، وقد كلف الحكومة الماليزية 6.5 مليون رنجت، أي ما يعادل 1.7 مليون دولار أمريكي. • التنصيص على إجبارية التعليم ومجانيته بالنسبة للأطفال بمن فيهم الأيتام واللقطاء. • التنصيص على إلزامية توفير الأمن والرعاية الصحية للطفل، ومستوي مقبول من الحياة السعيدة، وتوفير مساحات للتسلية والراحة والنشاطات الثقافية. • إلزامية التبليغ عن المفقود بالنسبة للقيط، والتبليغ عن حاجة الأيتام للرعاية إذا حصل من الوالدين عجز أو تقصير عن الرعاية، بحيث يجعل القانون عدم التبليغ مخالفة تترتب عليها عقوبة. • إلزامية تحويل اللقطاء والأيتام الذين لم يجدوا كافلا إلى قسم الخدمات الإجتماعية بوزارة المرأة والأسرة وتنمية المجتمع. كون هذا القسم هو المخول الوحيد بترتيب الإجراءات القانونية لليتم واللقيط الذي يحتاج إلى رعاية، وتتم رعاية اللقيط إما بضمه إلى إحدى دور رعاية اليتامى، وأشهرها "بيت الأمل" الذي تشرف عليه الحكومة الماليزية مباشرة، أو أحد الملاجئ الموجودة في ماليزيا،
رعاية اللقيط • أول حقوق رعاية اللقيط في قانون الطفل الحق في التسمية، والحق في الجنسية، والحق في توفير كل الوثائق القانونية وبعدها بذل غاية الجهد للوصول إلى أبويه، وأثناء هذا البحث يلزم قسم الخدمات الاجتماعية بتوفير الرعاية الشاملة له، فهذا الإلزام يقع على عاتق الدولة بدرجة أولى. • الرعاية قد تكون عن طريق قبول المحكمة طلبات التبني للقيط من قبل بعض الأزواج، هذا بالنسبة لغير المسلمين، والدولة تضع شروطا صارمة لتبني غير المسلمين لاسيما الأجانب للطفل، فهي تشترط فيمن يرغب في تبني أحد اللقطاء تقديم طلب بكامل البيانات المثبتة لقدرته على الرعاية، وإن قبل الطلب يخضع المتقدم لاختبار مدته 3 أشهر، وإذا نجح يشترط عليه أن يبقى سنتين في ماليزيا. • أما بالنسبة للقطاء والأيتام المسلمين، فالحكومة تمنع تبنيهم ولا حتى كفالتهم من غير مسلمين، وهي تجعل من لهم حق الحضانة ملزمين بحضانة اليتيم، إلا إذا كانت ظروفهم لا تسمح. وعلى إثر قبول التبني أو الكفالة أو الحضانة تعين الدولة مراقب لهؤلاء اللقطاء والأيتام للتأكد من حسن رعايتهم، ويحق لها أن تنهي التبني أو الكفالة أو الحضانة إذا وجدت تقصيرا من قبل المتبني أو الكافل أو الحاضن. • تشجيع المجتمع المدني على رعاية الأيتام واللقطاء من خلال تشجيعهم على تأسيس دور لرعاية الأيتام واللقطاء، ويتم هذا التشجيع من خلال تسهيل ترخيص إنشاء جمعيات خيرية لرعاية الأيتام واللقطاء، وتسهيل إجراءات تأسيس مراكز من خلال الإعفاء من الضرائب، والدعم المادي السنوي من خلال ميزانية تقدمها الوزارة للجمعيات الراعية لهذا العمل.
رعاية الأيتام واللقطاء في التشريعات الولائية الإسلامية • لم يكن أثناء الإستعمار البريطاني قانون إسلامي يحكم الولايات، وإنما سمحت السلطات البريطانية بإدارة قضايا الزواج والطلاق والقضايا الدينية بناء على معتقدات أهل الديانات المختلفة، ومع خروج الإستعمار البريطاني سنة 1957م ظهر الدستور الماليزي الفدرالي، الذي استثنى التشريعات المتعلقة بالأحوال الشخصية الإسلامية من الإنضواء تحت سلطته، حيث جعلها من صلاحيات الولايات. • بعدها بسنتين ظهر أو تقننين إسلامي بإصدار قانون "مالكا" سنة 1959م، وقانون "بهانج" في نفس السنة، وقانون "نجري سنبيلان" سنة 1960م، وتتالت بعدها التقنينات إلى أن شملت كل الولايات الماليزية.
الملاحظ على هذه التقنينات أنها لم تتناول اليتيم تناولا صريحا ولم تشر إلى اللقيط، وقد حاولت الإستفسار عن هذا الأمر لدى الجهات الرسمية والقضاة الشرعيين والمختصين، فوقفت على تفسيرين: • تقسير تسويغي يرى أن مسألة اليتامى تناولها قانون الحضانة الذي يلزم أم اليتيم إن كان له أم ورحمه إن كان له رحم بالرعاية، وإن لم تكن له أم ورحم فقانون الطفل الماليزي ينص على ضرورة كون الكافل للمسلم مسلما، وهو ما يسمى في الشريعة الإسلامية بوصي القاضي، وأن الولاية مسؤولة عن كفالته من خلال التنسيق مع الجمعيات الخيرية الكافلة لليتامى، ومن خلال بيت المال وأموال الوقف. وأما تسويغ بعضهم عدم إدراج اللقيط ضمن القانون، فلأن القانون الماليزي الفدرالي ينص على أن الهيئة الرسمية المخولة بأخذ اللقيط ومتابعة إجراءاته القانونية هي "قسم الخدمات الإجتماعية" التابع لوزارة المرأة والأسرة وتنمية المجتمع، وأن منع القانون تبني غير المسلمين للمسلمين ضمان قانوني لرعايته رعاية شاملة • أما التفسير الثاني فهو تفسير نقدي لوضع التقنين الإسلامي في الولايات الماليزية فيما يتعلق باليتيم وبدرجة أكثر اللقيط، حيث يرى أن التقنين يعيش أولا: مشكلة تعارض جملة من الأحكام القانونية من ولاية إلى أخرى مما أدى إلى وضع القانون الإسلامي في حرج، خلافا للقانون المدني الذي شهد استقرار منذ 1957م، وماليزيا على وشك الاحتفال بمرور خمسين سنة على الدستور الفدرالي الذي لم يشهد إلا تعديلات طفيفة، وقد اضطرت الحكومة الماليزية إزاء تعارض الأحكام القضائية الإسلامية إلى إنشاء مجلس تنسيقي للقضاء الإسلامي يضم ممثلين عن الولايات يسعى إلى توحيد أو تقريب هوة الخلاف بين التشريعات الولائية، وثانيا يعيش فراغا في التشريعات المتعلقة باللقطاء وبدرجة أقل الأيتام، مما حفز بعض الباحثين على المبادرة إلى تقديم بحوث ودراسات تسهم في هذا الجانب.
المحور الرابع: ملاحظات وتوصيات • إن الشريعة الإسلامية جاءت بنظام شامل لرعاية اليتامى واللقطاء، بحيث سطرت للأيتام قوانين ناظمة تضمن لهم حسن التنشئة وتجنبهم ظلم الأولياء والأوصياء. وكذلك فعلت باللقطاء حيث جنبتهم نظر المجتمع إليهم نظرة دونية باعتبارهم غالبا أولاد زنا، فاعتبرتهم نفوسا بريئة يتوجب رعايتها أو كما عبر عنها السرخسي بقوله:" مضيعه آثم، ومحرزه غانم ". • الشريعة الإسلامية في تشريعاتها لرعاية القصر لم تصدر قوالب جامعدة، ونصوصا نهائية تغلق المجال أمام أي اجتهاد جديد يخدم هؤلاء القصر، بل فتحت الأبواب على مصراعيها لكل من يقدم مشروعا يرعى هؤلاء القصر، وأول إشارة إلى هذا الباب المفتوح ربط رعاية الأيتام في القرآن بمصطلح الإحسان الذي يشمل كل ما يخدم هذا اليتيم ويسعده ويجعله جزء لا يتجزأ من المجتمع حيث قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ.. ﴾ { النساء: 38}.وكذلك الأمر بالنسبة للقيط، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمن التقط منبوذا " اذهب وعلينا نفقته" المقولة التي بينت أن حرص القيادة الإسلامية الأول، ومسؤوليتها العظمى مباركة مثل هذه الجهود وتثمينها، وتذليل كل الصعاب التي قد تواجهها. • التشريعات الإسلامية المتقدمة وضعت معالم تطوير هذه الرعاية، معالم تضمن إبداعا قانونيا فسيحا، غير أنه منضبط بضوابط الشريعة الإسلامية، هذه الضوابط التي تضع مصلحة الطفل وصلاح المجتمع ضمن أولوياتها، كما تعتبر رعاية القاصر مسؤولية جماعية. • قوانين رعاية الطفل في ماليزيا بدءً بقانون 1922م وانتهاء بقانون حماية الطفل 2001م قوانين وضعية تبنت فيها الحكومة الماليزية معاهدة حماية الطفل التي أقرتها الأمم المتحدة في 20 نوفمبر سنة 1989م مع إجراء بعض التعديلات عليها، غير أنه مع كل هذا جاءت معظم نصوصه متوافقه مع التشريعات الإسلامية، وتحفظات الدستور الماليزي المتمثلة في النص على جعل بنوده غير نافذة على المسلمين فيما يتعلق بالمسائل الدينية كانت في صالح الشريعة الإسلامية. • وضوح قوانين رعاية الطفل 2001م في مجملها مثل حجر الزاوية في التطور الخدمي للقصر، وقد كانت أبرز نتائجه تقلص نسبة الأمية في الأولاد ما دون سن العاشرة إلى 3%، ووصول نسبة التطعيمات الصحية إلى أكثر من تسعين بالمائة وتغطية الملاجئ والمرافق المخصصة لهذا الطبقة لجل الاحتياجات.
التفاعل الإيجابي للحكومة الماليزية ممثلة في قيادتها ووزاراتها المعنية مع هذه القوانين كان سر فاعليتها، وحصول نتائجها المرجوة. • الضعف التأهيلي للإطارات الرسمية المشرفية على هذه الرعاية، ونقص الحِرفية كان سببا في بروز بعض المشاكل الخدمية، والتقصير في عملية المراقبة ورفع التقارير، وكذا الخروقات القانونية، وقد تنبهت الحكومة إلى هذا الأمر، فألزمت الموظفين في قسم الخدمات الإجتماعية بالوزارة حضور دورات تدريبية مكثفة في الخدمات الإجتماعية للقصر لتطوير مستواهم، كما برمجت ورشات عمل على مدار السنة للتعريف بالتطورات العالمية الخاصة بالخدمات الإجتماعية لاسيما تلك المرتبطة بالقصر، وحثت الإطارات الجامعية على بحث مثل هذه الموضوعات. • التشريعات الإسلامية الولائية بماليزيا وفقت إلى حد كبير في تفعيل وتطوير القوانين المتعلقة بالأسرة والزواج، والحضانة وغيرها، غير أنه وفيما يتعلق باليتيم شهدت قصورا شهد به القائمون على هذه القوانين، وشهد به القضاة الشرعيون الذي يعانون يوميا آثار هذا الغموض، وشهدت هذه التشريعات غيابا تاما للتقنين للقيط، وبالرغم من المسوغات التي قدمها البعض غير أن الأغلبية الساحقة أقرت بهذا القصور وطالبت بتداركه، وقد شرعت فعلا بعض الجهات الولائية في مراجعة هذه الجوانب، ووضع بعض التعديلات الخادمة لهذه الفئة، وهو ما يعد موقفا مشرفا لهذه الجهات، لأنها لم تكتف بمجرد الإنتقاد، وإنما باشرت تلافي هذا التقصير. • ضعف التقنين الشامل لليتيم واللقيط كانت له آثار تبعية حيث أثر على التقنين لتنظيم بيت المال الماليزي الذي يفترض أن يذهب جزء كبير من ميزانيته لخدمة هذه الفئات، وقد كان لهذا الضعف أثرا كذلك على صرف الزكوات حيث شهدت خزينة الزكاة المجموعة فائض 40 مليون رنجت (11 مليون دولار). • عدم دقة إحصاءات الأيتام، كان سببا في ضعف تحديد من يحتاج إلى رعاية لسد حاجياته الأساسية، ومن يحتاج إلى رعاية لاستثمار أمواله ومتابعة حسن توظيفها.
التوصيات • أهمية رعاية القصر لأنهم يمثلون القلب النابض لهذه الأمة، وضمانا لمستقبلها الزاهر، ويأتي في أولوية هذه الرعاية رعاية الأيتام واللقطاء. • أهمية الإحصاء الدقيق للأيتام واللقطاء لتحديد حجم المساعدة التي ينبغي تقديمها لهم، وتلي هذه الأهمية أهمية تصنيف هذه الفئة لتحديد نوع المساعدة التي يحتاجونها، لأن الرعاية التي يحتاجها اليتيم الفقير تختلف عن الرعاية التي يحتاجها اليتيم الغني. • أهمية التسطير الدقيق والواضح لقوانين رعاية الأيتام واللقطاء، لأنه الضمان الرئيس لحسن إدارة شؤونهم، وعدم تركها للاجتهادات الارتجالية التي مهما أخلصت وبذلت، فإنها لن ترقى إلى اجتهادات مبنية على تقنينات واضحة، ورؤى متكاملة. • أهمية التسوية القانونية لموضوع اللقطاء، تسوية تسمح بإدماجهم في المجتمع بطريقة إيجابية، لا تؤاخذهم بجريرة آبائهم وأمهاتهم، لأن الله عز وجل قال ﴿ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً 15﴾ {الإسراء:15} • أهمية المزاوجة بين الرعاية المادية والرعاية المعنوية، لأن حاجة اليتيم واللقيط إلى الرعاية المعنوية من خلال الشعور بتقدير المجتمع له واحتضانه إياه لا تقل أهمية عن المساعدة المادية، وقد قال عز وجل لمن عجز عن الصدقة، : ﴿ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا ﴾ { الإسراء:28 } وقال صلى الله عليه وسلم"اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم يكن فبكلمة طيبة" • . أهمية مراجعة قوانين رعاية هذه الفئة من المجتمع بين الفينة والأخرى، وتطويرها بناء على المتطلبات المستجدة لهذه الفئاب، لأن ما يحتاجه اليتيم واللقيط اليوم قد يختلف في كثير من الجوانب عما يحتاج إليه بعد حقبة زمنية.
خاتمة • إن ما ينبغي معاودة التذكير به في ختام هذا البحث، وفي صدد التعاون على البر والتقوى، التذكير بأن الإسلام كرم بني الإنسان، وحثهم على التعارف والتآزر والإحسان إلى بعضهم البعض، وجعل في كل كبد رطبة صدقة، وجعل الأمة المسلمة أمة مرصوص بنيانها، متينة أواصر أخوتها، أمة يرحم فيها الكبير الصغير، وينصر فيها القوي الضعيف، أمة أخرجها كتاب ربها عز وجل وسنة نبيها المصطفى j من الاتكالية إلى اتخاذ جميع أسباب القوة، ومن العفوية إلى الانتظام، ومن الجمود على الماضي إلى الإبداع، وإن أمة بهذه المواصفات حري بها أن تأخذ بكل أسباب القوة في رعاية القصر لاسيما الأيتام واللقطاء، حري بها أن تنظم شؤونهم من خلال وضع قوانين ناظمة تمكنهم من أن يأخذوا حقهم من الرعاية الشاملة، وتضمن لهم نشأة متزنة تجعلهم عنصرا فاعلا بناء في هذا المجتمع، وحري بالقائمين علي شؤونها أن يبذلوا قصارى جهدهم لخدمة هذه الفئة خدمة مخلصة واعية، يستعان فيها بالله أولا وآخرا، ثم يتوسل فيها بجميع وسائل الإصلاح والرعاية، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.