830 likes | 1.46k Views
اسم المقرر : مناهج البحث العلمي في التاريخ الرمز / الرقم : أ ر خ / 223 CODE / NO : HIST / 223 قسم التاريخ - الفرقة الثانية 1430 هـ / 1431 هـ. الجزء الثالث. د. الهــام بنت محمد هاشم الدجاني. الفصل السادس. مرحلة الفراغ من جمع المادة أو مرحلة الإعداد للكتابة التاريخية.
E N D
اسم المقرر : • مناهج البحث العلمي في التاريخ • الرمز / الرقم : أ ر خ / 223 • CODE / NO : HIST / 223 • قسم التاريخ - الفرقة الثانية • 1430 هـ / 1431 هـ الجزء الثالث د. الهــام بنت محمد هاشم الدجاني
الفصل السادس • مرحلة الفراغ من جمع المادةأو مرحلة الإعداد للكتابة التاريخية
هذه المرحلة تسبق مرحلة الكتابة التاريخية
وفي هذه المرحلة تستطيع الباحثة أن تحكم أو تعلم • أي الموضوعات مادتها العلمية وفيرة • وأيها مادتها العلمية قليلة • وأي الموضوعات لم تجد لها مراجع ولا مصادر على الإطلاق • فهنا يجب على الباحثة أن تعيد النظر في العناصر الداخلية وتضم بعضها لبعض ، وقد تقدم فصلاً وتؤخر فصلاً • وفي كثير من الأحيان تستحدث الباحثة عنواناً جديداً لفصل أو عنصر لم يخطر على بالها .. • وقد يقتصر البحث على فترة أقصر من الفترة الزمنية التي وضعتها في البداية . • وفي هذه المرحلة أيضاً يجب أن تتعرف الباحثة على : التي تضيف معلومات لبحثها ، وتكون قد حصلت عليها.
ثم تتم قراءة كل البطاقات التي وضعتها في المظروف الكبير ووضع كل مجموعة من البطاقات ذات الصلة زمنياً وموضوعياً في مظاريف أصغر وتكتب عليها عنوان خاص بالمعلومات الداخلية • ثم إذا ما انتهت الباحثة من قراءة وترتيب البطاقات ترتيباً حسب القضايا والأحداث ( موضوعي ) فتبدأ بنقل ما كتبته على ورق فلوسكاب أو على جهاز الكمبيوتر ، حتى يسهُل عليها تصحيح الأخطاء وتصويب اللغة • ثم تبدأ الباحثة بكتابة فصل تلو فصل ليتضح لها التناسق بين الفصول ، لأنه لابد من أن تكون فصول البحث متوازنة ومتساوية الى حد ما
أولا : نقد المادة التاريخية وهو التعرف على مدي صدق هذه المصادر وتنقسم الى : • النقد الخارجي : وهو التحقق من أن: • هل لدينا من الوثائق ما يمكن الوثوق بها أم لا ؟ • هل المعلومات تتوافق مع العصر أم لا ؟ • النقد الداخلي أوالباطني : وهو التحقق من صحة ما تحتويه الوثيقة من معلومات ، وينقسم بدوره الى : • التحليل الداخلي الإيجابي والتقويم الداخلي السلبي وتصنيف الحقائق وتحليلها وإعادة تركيبها
نقد الأصول التاريخية دراسة الأصول التاريخية وتحليلها بأساليب مختلفة هي من أهم المراحل في طريقة البحث ، وهي عبارة عن ميدان نقد الأصول التاريخية . ولكن الكتابات التي يدونها الإنسان عن حوادث تاريخية معينة هي أثر عقلي سيكولوجي وليست شيئا بارزا ملموسا . • وللوصول من الأصل التاريخي المكتوب إلي الحوادث ، ينبغي ان نتعقب سلسلة العوامل التي أدت إلي كتابته
ولكي يصل المؤرخ إلى الحوادث الأصلية لابد من أن يحي في حياته الظروف التي احاطت بكاتب الأصل التاريخي ، منذ أن شهد الوقائع ،وجمع معلوماته عنها ، حتى دونها في الأصل المكتوب والماثل أمام المؤرخ. • وهناك عدة مراحل للنقد : • النقد الظاهري (external criticism) • النقد الباطني (internal criticism)
النقد الظاهري (External Criticism) : • يتعلق بعدة أمور ، مثل :
أما النقد الباطني (internal criticism) : فيبحث في :
وأول مرحلة من مراحل نقد الأصول التاريخية هي إثبات صحتها ، لأنه إذا كان الأصل أو المصدر كله أو بعضه مزيفا أو منتحلا فلا يمكن الاعتماد عليه على وجه العموم . • صحيح أن تزييف الأصول والوثائق صار اليوم أصعب منه في الماضي ، ولكن دوافع التزييف والدس لا تزال قائمة ، كالأهواء والمطامع ، وحب الكسب ، والشهرة . والتزييف والانتحال يوجدان في بعض أنواع الأصول والمصادر التاريخية.
مثال : مشكلة البراق نعرض في هذا الصدد لمثال درسه الدكتور أسد رستم الأستاذ الأسبق للتاريخ الحديث في جامعة بيروت الأمريكية ، والأستاذ الأسبق بالجامعة اللبنانية الوطنية في بيروت ، وذلك أنه عندما أثيرت مشكلة البراق بين المسلمين واليهود ، وقدمت اللجنة الدولية لدراستها وإظهار الحقيقة في شأنها ، ظهرت وثيقة في مصلحة المسلمين . ولكن بعض المعارضين جاهروا بشكهم في صحة هذه الوثيقة
فعرضت على الدكتور أسد رستم لفحصها من الوجهة الفنية التاريخية ، فوجد أن هذه الوثيقة عبارة عن يخبره فيها بصدور إرادة شريفة خديوية من محمد علي باشا ، بمنع اليهود من تبليط البراق ، مع إعطائهم حق الزيارة على " الوجه القديم " .
وفحص الدكتور أسد رستم هذه الوثيقة بوسائل النقد الظاهري ، وبوسائل النقد الباطني - التي سندرسها في فصل تال -فوجد أن الوثيقة مكتوبة على ورق صكوكي قديم ، ويدل تركيبه الكيميائي وأليافه ودمغته المائية على أنه من نوع أوراق الحكومة المصرية في مصر والشام في ذلك العهد . وظهر أن المداد الذي دونت به هو مداد استانبولي ، وأثبت التحليل الكيميائي والفحص بالمجهر أنه مزيج من الكاربون التجاري والصمغ والماء ، وأثبت المجهر أيضا ، من أثر القلم على الورق ، أنها كتبت بقلم قصبي ، مما كان شائع الاستعمال في ذلك العصر ، وكان الخط هو الخط السائد في دواوين مصر والشام في ذلك الزمن .
ووجد أن فاتحة الرسالة :" افتخار الأماجد الكرام ذوي الاحترام ...." ، وخاتمتها :" لكي بوصوله تبادروا لإجراء العمل بمقتضاها ...." تتفقان مع أسلوب الكتابة الديوانية في عهد محمد علي . ووجد أيضا أن هذه الرسالة تهمل التحية وتنتقل فجأة من العنوان إلى الغرض المقصود، وفي هذا دليل أحر على صحتها ، لأن الحكام والولاة في الشام قبل إبراهيم باشا ومحمد شريف باشا وبعدهما كانوا شديدي التمسك بذكر التحية في مراسالاتهم الرسمية إلي متسلمي المدن وموظفي الحكومة . وكذلكوجد أن عدم مراعاة اللغة العربية واستخدام الفاظ أعجمية، مما كان شائعا بعامة مصر والشام في النصف الأول من القرن التاسع عشر ، يقدم له دليلا اخر يؤيد رأيه في صحة هذه الوثيقة .
ثمتذرع الدكتور أسد رستم بأدلة أخرى . فتأكد من محفوظات (عابدين ) أن محمد شريف باشا كان حاكما عاما على الشام من أوائل سنة 1248 هـ . إلى أواخر سنة 1356 هـ . وعرف من سجلات المحكمة الشرعية بالقدس أن أحمد أغا دزدار كان قائما بأعمال المتسلمية في القدس في ربيع الأول سنة 1256 هـ . وتثبت أيضا من أن محمد شريف باشا كان صاحب السيطرة على جميع حكام المقاطعات في الشام ، ومن بينهم متسلم القدس أحمد أغا دزدار ، ومن أنه كان يتلقى الأوامر من محمد علي باشا وإبراهيم باشا ، لكي يبلغها إلي الجهات المختصة .
ووجد الدكتور أسد رستم أيضا أن محتويات هذه الوثيقة تتفق مع المعلومات المعروفة عن علاقة اليهود بالبراق ، وموقف المسلمين منهم ، من ناحية إباحة زيارته لليهود ، وتساهل حكومة محمد علي ، الذي جعلهم يتطلعون للحصول على الإذن بتبليط البراق . ووافق ذلك اعتقاد فريق من اليهود في ذلك الوقت - على غير حقيقة - بمجئ المسيح المنتظر ، بناء على تفسيرهم لما ورد في الإصحاح الثامن من سفر النبي دانيال ، وما ورد في غيره ، وما ارتبط بذلك من اعتقاد اليهود في ضرورة تعمير المدينة المقدسة وتجديد بناء الهيكل القديم
وانتهى بحث الدكتور أسد رستم بإثبات صحة هذه الوثيقة من الوجهة الفنية التاريخية ، من ناحية الورق والحبر وقلم الكتابة ، وعادات المراسلة ةالأسلوب واللغة ، ومن ناحية شخصي المرسل والمرسل إليه ، وتاريخ ومكان الكتابة ، ومن ناحية اتفاق مضمونها مع الظروف التاريخية . وبذلكدحض الادعاء القائل بأن الإدارة المصرية في ذلك العهد قد أذنت لليهود بتبليط البراق وتعمير القدس .
وهذه كلها أمثلة عملية محددة تبين أهمية نقد الأصول التاريخية ، والطريقة التي ينبغي أن تتبع في إثبات صحتها وأصالتها وخلوها من الدس والتزوير والانتحال . وبذلك تتضح الصعوبات التي يجب على المؤرخ أن يواجهها ويتغلب على ما يمكنه التغلب عليها . وبغير ذلك لا يستطيع المؤرخ أن يكتب التاريخ ، لأنه إذا بنى أبحاثه على أصول مزورة منتحلة ، خرج بنتائج بعيدة عن الحقيقة ، ومخالفة للواقع التاريخي .
ثم نبحث الأن ناحية أخرى في نقد الأصول التاريخية . فمن الضروري للباحث في التاريخ أن يتحرى نصوص هذه الأصول ، ويتثبت من حرفية ألفاظها وعباراتها - المخطوط منها والمطبوع - قبل أن يستخدم المعلومات الواردة بها . أو لم يدخل عليها بعض التحريف اللفظي ، أو النقصان أو الزيادة سواء أكان ذلك عن قصد أم عن غير قصد ؟
وينبغي أن نلاحظ أن من يقرأ نصا تاريخيا ولا يوجه عنايته الأساسية إلى محاولة فهم محتوياته ، من المؤكد أنه سيفسر بعض نواح منه بناء على تصوره ، مما قد لا ينطبق على الواقع التاريخي . فقد يجد عبارات أو كلمات توافق أراءه وتصوره للحوادث ، فيستخرج هذه العبارات دون وعي منه ، ويجعل منها نصا خياليا ومفتعلا ، ويضعه في موضع النص التاريخي الحقيقي الذي لم يتمكن من الوصول إليه .
.. ولكن الحقيقة أنه يخضع النص لفكرته الخاصة على حساب الحقيقة التاريخية . ويأخذ الحادث التاريخي اللون والتفسير والمدلول الملائم الذي يريده له عقل الباحث . ومن شأن هذا كله أنه يبعد بالباحث عن الوصول إلى الحقيقة التاريخية التي ينشدها . فينبغي على المؤرخ أن يبدأ عمله في هذه المرحلة من البحث ، بتحليل دقيق للأصول التاريخية التي تقع تحت يده . وأن يكون غرضه الأساسي استخراج الحقائق منها – بقدر المستطاع – وليس إضافة ما لا وجود له على تلك الأصول .
وحينما يثبت للباحث في التاريخ أن الأصل أو المصدر التاريخي صحيح وغير مزيف ، فليس معنى ذلك أن المعلومات الواردة به ذات قيمة تاريخية كبيرة . فلابد من نقد الأصل التاريخي من نواح أخرى . وتحمل بعض الأصول اسم مؤلفها ، وزمان تدوينها ومكانه . وبعض الأصول التي تكون متسمة بطابع الصحة وعدم التزييف ، تغفل أحيانا ناحية أو أكثر من هذه النواحي، فينقص ذلك من قيمتها التاريخية .
فكيف يقدر الباحث قيمة الأصل التاريخي وهو يجهل اسم مؤلفه وشخصيته وعلاقته بالحوادث التي كتب عنها؟ من الضروري معرفة كل أو أغلب هذه النواحي ، بقدر المستطاع. فكيف السبيل إلى ذلك؟
أن معرفة كاتب الأصل التاريخي وشخصيته مسألة هامة ، لأن قيمة المعلومات التي يوردها ترتبط كل الارتباط بشخصية الكاتب ومدى فهمه للحوادث ، وبكل الظروف التي تحيط به على وجه العموم . فالمعلومات التي يدونها الأمير أو الحاكم أو الوزير أو السياسي أو صاحب المهنة أو الجندي أو الأستاذ أو الفلاح ، تختلف وتتفاوت قيمتها بحسب حالة كل منهم.
وكاتب الأصل التاريخي سواء أكان شاهد عيان أم اعتمد على غيره من شهود العيان أو الرواة، يعد الواسطة التي يصل المؤرخ عن طريقها إلى الوقائع التاريخية. فإذا كان الكاتب ثقة عدلا بعيدا عن الأهواء بقدر المستطاع، كانت معلوماته أقرب إلى الصحة بصفة عامة، والعكس صحيح . • وعلى ذلك تتضح أهمية البحث لمعرفة أكبر قسط ممكن من المعلومات عن كاتب الأصل أو الوثيقة التاريخية .
في هذه الناحية وغيرها من نواحي نقد الأصول التاريخية ، يصبح عمل المؤرخ شبيها بعمل القاضي ،وإن اختلفت الظروف . فالقاضي يمتاز بأن شهود الحوادث أحياء أمامه وينطقون بالحق أو بالكذب ، ولكن هذا المثول لا يتوفر للمؤرخ ،الذي عليه أن ينتقل من الحاضر إلى الماضي بالعقل والنقد والخيال ، وأحيانا تضيع عبثا جهوده لمعرفة اسم كاتب الأصل التاريخي وشخصيته ، فيظل مجهولا ، وإن كان هذا لا يمنع من الإفادة به
إذ ربما يكون هذا الكاتب المجهول هو المصدر الوحيد لما قدمه من المعلومات. وفي بعض الأحيان لا يستطيع المؤرخ إلا أن يجمع القليل من المعلومات عن كاتب الأصل التاريخي ، فما عليه عندئذ إلا أن يقر بذلك ، ويدرس المعلومات الواردة في نطاق العصر أو الناحية التي تتصل بها ، ويمكنه أن يقيمها على نحو ما ، ويفيد منها بقدر المستطاع .
وينبغي أن نلاحظ أن وضع اسم شخص ما على أصل تاريخي لا يعني حتما أنه هو كاتبه كله أو بعضه. وفي أحوال كثيرة يمكن للمؤرخ أن يتعرف على كاتب الأصل التاريخي المخطوط بدراسة والمصطلحات الخاصة بالعهد التاريخي المعين وبدراسة المعلومات التاريخية الواردة به.
الفصل الثامن: التحليل وينبغي ألا تستخرج فقرة معينة أو تفسر دون فهم الأصل في مجموعه ، حتى لا يخطئ الباحث في استنتاجه . وتحليل أصل تاريخي ما معناه السعي إلى فهم الحوادث والآراء والأفكار الواردة به ، والتمييز بين كل منها على حدة
تحديد المعنى الحرفي لنص تاريخي معين عبارة عن عملية لغوية . ولابد لفهم كل نص تاريخي من معرفة اللغة التي كتب بها. ولا تكفي المعرفة العامة لهذه اللغة. بل من الضروري فهم دقائقها ، فضلا عن الإلمام بلغة العصر التاريخي الذي يرجع إليه ذلك النص ، مع الاستعانة بعلم الفيلولوجيا إذا اقتضى الأمر ذلك .
وعلى ذلك فإن فهم المعاني الحقيقية للعبارات الغامضة في الأصول التاريخية هو من أهم واجبات النقد التفسيري الإيجابي . وتوجد بعض طرق للكشف عن هذه المعاني الخفية أو المستورة خلف المعنى الحرفي للألفاظ ، وهي تتوقف على بعض الظروف الخاصة .
وعندما يصل الباحث إلى المعنى الحقيقي للنص التاريخي ، فإن عملية التحليل أو التفسير الإيجابي تكون قد انتهت . والنتيجة التي يخرج بها الباحث من ذلك هي أنه أصبح عارفا بمعلومات كاتب الأصل التاريخي ، وبالصور التي كونها في ذهنه عن المسائل أو الحوادث التي كتب عنها .
هل تعارض المعلومات أو اتفاقها يؤدي للوصول للحقيقة ؟ إن تعارض المعلومات الواردة في الأصول التاريخية عن موضوع معين ، يجعل من الواجب على الباحث في التاريخ أنيمحص هذه المعلومات لكي يحاول الوصول إلي الحقيقة التاريخية أو إلى ما يقرب منها .
وعلى الرغم من ذلك فإن النقد التاريخي لا يثبت الحقيقة التاريخية ، بل يساعد على بلوغها ، ويؤدي إلى احتمال الصدق فيها . وصحيح أنه ينبذ جانب الأخبار التي يثبت كذبها أو الخطأ فيها ولكنه لا يضع مكانها بديلا . وبذلك تكون النتائج الثابتة المؤكدة للنقد التاريخي هي نتائج سلبية ، وكل النتائج الإيجابية تكون موضع الشك ، ويوجد الاحتمال في صدقها .
ولابد من عملية نهائية للوصول إلى نتيجة محددة ، إذ ينبغي الخروج من دائرة الاحتمال والشك إلى دائرة اليقين . ومن الضروري للباحث في التاريخ أن يتابع الدرس والبحث ، للوصول إلى نتائج حاسمة بقدر المستطاع . فعليه أن يبدأ بتقسيم النتائج التي وصل إليها عن طريق النقد ، ويضع في قسم واحد كل المعلومات الواردة عن حادث أو عن مسألة ما .