300 likes | 461 Views
مستقبل المساعدات الدولية والخيارات الممكنة لتحقيق الاستدامة المالية للسلطة الوطنية الفلسطينية إعداد د. نصر عبد الكريم جامعة بيرزيت ورقة عمل مقدّمة في ورشة العمل الثالثة بعنوان ”المساعدات الدولية: هل هي شر ضروري للتنمية في الاراضي الفلسطينية“ إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية – جامعة بيرزيت
E N D
مستقبل المساعدات الدولية والخيارات الممكنة لتحقيق الاستدامة المالية للسلطة الوطنية الفلسطينية إعداد د. نصر عبد الكريم جامعة بيرزيت ورقة عمل مقدّمة في ورشة العمل الثالثة بعنوان ”المساعدات الدولية: هل هي شر ضروري للتنمية في الاراضي الفلسطينية“ إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية – جامعة بيرزيت 2012/2/28
أهداف الورقة • توصيف المساعدات الدولية والحالة المالية للسلطة الفلسطينية خلال الفترة الانتقالية والتي بدأت مع توقيع أوسلو في نهاية عام 1993 وإمتدت الى يومنا هذا. • إستشراف الخيارات الفلسطينية الممكنة لتحسين مستوى الاستدامة المالية في ظل التوجه الرسمي الحالي لتقليل الاعتماد على هذه المساعدات.
أولاً: توصيف المساعدات الدولية • يمكن تقسيم الفترة التي قُدِّمت خلالهاالمساعدات الدولية الى خمس مراحل،حيث أدى التمايز في خصائصها الى تباين في منسوب ووتيرة المساعدات المقَّدمة في كل منها والى تباين في حصص القطاعات المختلفة منها وهي: • المرحلة الأولى: 94 – 97، حالة شبه استقرار وبناء مؤسسات السلطة. • المرحلة الثانية: 1998 – 2000، حالة استقرار نسبي ونمو اقتصادي بفعل زيادة وتيرة وحجم الاستثمار الخاص.
المرحلة الثالثة: 2001- 2005، حالة عدم استقرار على كل الصعد. • المرحلة الرابعة: 2006- منتصف 2007، تفاقمحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني وزيادة المعاناة الإقتصادية . • المرحلة الخامسة: منتصف 2007 - الوقت الراهن، استمرار حالةالتراجع في قطاع غزة، بينما تسود حالة استقرار نسبي ونمو إقتصادي في الضفة.
حجم ووتيرة تدفق المساعدات • بلغ إجمالي المساعدات الدولية للفلسطينيين خلال الفترة 1994-2005 حوالي 7.5 مليار دولار، بحيث كان متوسطها السنوي قبل عام 2000 حوالي 500 مليون دولار، ومنذ ذلك العام ارتفع المتوسط في السنوات الخمسة اللاحقة الى 1000 مليون دولار تقريباً، أي بنصيب سنوي متوسط للفرد الواحد يقترب من 300 دولار.
قدمت الجهات المانحة اكثر من 15% من مساعداتها خلال هذه الفترة على شكل قروض جاءت في جلها بشروط ميسَّرة، فيما جاءت المساعدات الباقيةعلى شكل منح وهبات اشتملت على المساعدات المالية والعينية والاستشارات الفنية. • ارتفعت نسبة القروض من اجمالي المساعدات في المرحلة الثالثة (2001-2005) لتصل الى حوالي 19%، وارتفعت بشكل اساسي القروض من الدول العربية وفق آليات عمل صندوقي القدس وانتفاضة الاقصى اللذان تم تأسيسهما في مؤتمر القمة العربية في 2002.
وأبرز ما يميِّز مساعدات الفترة 2001-2005 عن مساعدات المرحلتيْن الأولى والثانية (1994-2000) هو زيادة حصة دعم الموازنة الجارية للسلطة لتغطية العجز المستمر والكبير فيها وكذلك حصة البرامج الإغاثية الطارئةالتي وصلت الى أكثر من 90% من إجمالي المساعدات وكان ذلك على حساب النفقات الانمائية.
أما المساعدات الدولية خلال الفترة الرابعة 2006- حزيران 2007 فزادت عن 1200 مليون دولار جاءت جميعها على شكل هبات ومنح وليس قروض، وتدفق معظمها مباشرة للمنتفعين وفق الآلية الاوروبية المؤقتة المعتمدة من اللجنة الرباعية ، بينما تدفق جزء آخر منها من خلال مؤسسة الرئاسة وتدفق الجزء اليسير منها من خلال الحكومة. • آلية تقديم المساعدات في هذه المرحلة أضرت كثيراً بأسس الادارة المالية السليمة التي حاولت السلطة جاهدةً تكريسها في إطار عملية الإصلاح التي بدأت في العام 2003، وخصوصاً أساسي الرقابة والمساءلة.
أمّا في المرحلة الخامسة والتي أعقبت تشكيل حكومة تسيير الاعمال برئاسة د.سلام فياض في الضفة الغربية بعد سيطرة حماس على السلطة في غزة، فقد استأنف المجتمع الدولي مساعداته وبوتيرة عالية جداً. • فسجلت هذه المساعدات رقماً قياسياً، بحيث زادت في النصف الثاني لعام 2007 عن مليار دولار وهو ضعف المتوسط السنوي في المراحل السابقة.
إقتربت المساعدات الفعلية في عام 2008 على ضوء تعهدات مؤتمر باريس من الملياري دولار،وفي عام 2009 من مليار ونصف، أمَّا في عام 2010 فتراجعت الى حوالي 1,2 مليار دولار. وإستمر الإتجاه النزولي في المساعدات في عام 2011 لتصل الى 750 مليون دولار (أي بنسبة 80% من المبلغ المخطط له في الموازنة).
عامل البعد السياسي للمساعدات • إنصب اهتمام المانحين منذ بدء عملية التمويل الدولي للسلطة الفلسطينية على دعم العملية السياسية وإزالة واحتواء أسباب ومظاهر التوتر والعنف في المنطقة، وكان ذلك على حساب إحداث تنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية ومستدامة وبناء دولة قابلة للحياة التي طالما رغب الفلسطينيون في تحقيقها (ضد مؤشر الموائمة). • فالعديد من المؤشرات الاقتصادية الكلية التي تصف الحالة المعيشية في المناطق الفلسطينية مثل معدلات النمو الحقيقي في الناتج المحلي ومعدلات البطالة والفقر وغيرها تدلل بوضوح على ضعف نجاعة هذه المساعدات في تعزيز فرص تطوير الاقتصاد الفلسطيني بشكل طبيعي .
في الخلاصة!!!! • من المتوقع ان لا تسهم المساعدات في تعزيز فرص تنمية المجتمع الفلسطيني خلال الفترة القادمة حتى لو ارتفعت الى اكثر من مستوياتها الحالية وتحسنت الإدارة الفلسطينية لهذه المساعدات، وذلك طالما إستمرت القيود والعراقيل الإسرائيلية كما أكد عليه آخر تقارير البنك الدولي عن حالة الاقتصاد الفلسطيني. • فالوصول الى تسوية شاملة وعادلة للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يشكل المقدمة ألأولى للتوظيف الأمثل للموارد الاقتصادية المتاحة ومن ضمنها المساعدات.
ويجب التأكيد على أن المساعدات الدولية قد لا تستمر الى الأبد، على الأقل ضمن الوتيرة الحالية، وبالتالي يجب أن لا تبقى عنصراً دائماً وثابتاً في الإستراتيجية التنموية، بل يجب النظر لها بإعتبارها مؤقتة وغير مضمونة توجب على الفلسطينيين بذل أقصى درجة ممكنة من الحكمة والكفاءة في إستغلالها عند توفرها مع مواصلة البحث عن السبل الكفيلة بالتخلص من الإعتماد عليها تدريجياً.
وقد بدأت اعتمادية السلطة على المساعدات الدولية فعلاً بالانحسار خلال السنتين الماضيتين. • هذا التوجه الحكومي مشروع ومبرر سياسيا واقتصاديا، ووضعت الحكومة لنفسها هدف طموح يتمثل في الاستغناء عن هذه المساعدات مع نهاية عام 2013. • ولكن من المتوقع ان تبقى المساعدات الدولية عنصراً هاماً في تمويل العجز الكلي في الموازنة في السنوات الثلاث القادمة على الأقل.
ثانياً: لماذا البحث عن خيارات مالية جديدة الآن؟ • التراجع التدريجي في حجم ووتيرة المساعدات من نهاية عام 2010، فجَّر أزمة مالية خانقة للسلطة ليس من الصعب تلمس مظاهرها وأبعادها. • والأهم أن هذه الازمة أعادت وبقوة طرح سؤال الاستدامة المالية للسلطة على طاولة الجدل والنقاش من جديد، بل أنها أعادت توجيه بوصلة هذا الجدل نحو البدائل أو الخيارات المتاحة والممكنة لتبني سياسة مالية وطنية لمرحلة قادمة قد تغيب فيها هذه المساعدات جزئياً أو كلياً.
وتكتسب محاولة بناء هذا النمط من السياسة المالية أهمية خاصة في مرحلة إقامة الدولة الفلسطينية حيث تزداد فيها إحتمالات المواجهة مع إسرائيل وربما مع بعض المانحين الرئيسيين. • وهناك مخاوف لدى بعض الأوساط الفلسطينية ان تستخدم الدول والجهات المانحة ”ورقة المساعدات“ وتستخدم اسرائيل ورقة ”التحويلات الضريبية“ في هذه المواجهة المفتوحة.
أي سياسة مالية وطنية نريد؟ • ألسياسة المالية الكفؤة والمتوازنة هي التي تتسم : • بالانفاق الرشيدوالمتوازن المستجيب لأولويات المجتمع. • بإدارة مالية عامة كفؤة تقوم على مبادئالنزاهة والشفافية والمسائلة. • بالقدرة على حشد الموارد المالية الكافية لمقابلة الإحتياجات الجارية والتنموية دون ان يضر ذلك بفرص نمو الاقتصاد أو بالعدالة الاقتصادية والاجتماعية.
في الحالة الفلسطينية خاصة، قد يكون من الضروري التذكير بأن تبني وتنفيذ سياسة مالية مثلى أو فضلى قد لا يكون واقعياً، وبالتالي فالبحث يجب أن يكون عن سياسة مالية ”عادلة ”. • استشراف هذه السياسة يجب أن ينطلق أولاً من تشخيص الحالة المالية الراهنة للسلطة.
الحالة المالية للسلطة !! أولا: الايرادات العامة • استمرار الخلل الهيكلي في الإيرادات الذاتية للسلطة، ويتمثل ذلك في: • أن معظم الإيرادات تأتي من الضرائب غير المباشرة على استهلاك السلع والخدمات (أكثر من 90% من أجمالي الضرائب) على حساب ضرائب الدخل والثروة. • وأن أكثر من ثلثي هذه الإيرادات تتصف بحالة عدم اليقين ومرهونة للمزاج الأمني والسياسي الإسرائيلي وتحديداً إذا ما تم احتسابها على الأساس النقدي.
شهدت هذه الإيرادات تحسناً تدريجياً خلال السنوات الثلاث الماضية، بحيث إرتفعت من 1.6 مليار دولار في عام 2009 الى أكثر من 2,2 مليار دولار هذا العام، أي بزيادة نسبتها 20%. • جهود الحكومة لزيادة هذه الإيرادات في الفترة المقبلة مستمرة، وما التعديلات التي أجرتها على قانون ضريبة الدخل من جهة وعلى قوانين وأنظمة رسوم التسجيل ونقل ملكية الأراضي والعقارات النافذة إلا أمثلة على هذه الجهود. • ولكن يبقى السؤال: هل بإمكان الحكومة الوصول الى حالة الإستدامة المالية من خلال ”مدخل تعظيم الإيرادات“ فقط؟
ثانيا: النفقات العامة • إذا كانت ايرادات السلطة تتحقق من مركز واحد هو الضفة، فإن النفقات تتم في ثلاث مراكز تكلفة هي الضفة والقطاع والشتات. • ولم يطرأ أي تغير يذكر على حجم وهيكل النفقات العامة، حيثبقيت هذه النفقات جارية في معظمها وجامدة في توزيعها (غير مرنة)، ويبدو انها لا زالت تقوم على أساس البنود بالرغم من قرار اعتماد موازنة البرامج والاداء قبل عامين. • ولم تنحج الحكومة بعد في ضبط هذه النفقات أو ترشيدها، بدليل أنها إستمرت في الإرتفاع ولو بنسب متفاوتة طيلة السنوات العشرة الأخيرة. وحتى قبل عامين كانت النفقات تزيد بوتيرة أسرع بكثير من وتيرة الإيرادات.
كما أن التوزيع القطاعي لهذه النفقات لم يختلف كثيراً عنه في الأعوام السابقة. فلا زالت حصة القطاع الإقتصادي مثلاً من النفقات أقل من 5% (وفي معظمها نفقات جارية وليست تنموية)، ويحظى القطاع الزراعي منها بحوالي 1% فقط، مقارنة بقطاع الحكم وخصوصاً القطاع الامني مثلاً (45%) والقطاع الإجتماعي الاغاثي(42%).
ثالثاً: تفاقم العجز… والدين العام !! • والحالة هذه، بقيالعجز الجاري كبير، وإن شهد انخفاضاً في العامين الماضيين من 1,2 مليار دولار في عام 2010 الى 970 مليون دولار في 2011، وهذا الانخفاض يعود إلى تخفيض صافي الإقراض للهيئات المحلية والى زيادة الإيرادات العامة.
أما العجز الشامل (الكلي) والذي يأتي بعد أخد النفقات التطويرية بعين الإعتبار، فهو غير محدود على إفتراض أن هذه النفقات كانت ولا زالت تمول بشكل تام من المانحين، وأن الحاجة لهذه النفقات متعاظمة في ظل تحقيق الجاهزية لاقامة الدولة.
أما بخصوص الدين العام الخارجي فيمكن القول أنه ثبت عند مستوياته التي وصل لها في عام 2005 (حوالي 1200 مليون دولار)، وفي المقابل فإن الدين المحلي (قروض بنكية قصيرة الاجل) قد انخفض في الأعوام 2007-2009 وبشكل كبير عن مستوياته في عام 2006، ولكنه عاد وارتفع في عام 2010 الى حوالي 800 مليون دولار، ومن ثم الى 1 مليار دولار في نهاية النصف الأول من عام 2011. هذا بالإضافة الى الديون التجارية (المتأخرات مقابل سلع وخدمات من القطاع الخاص) والتي تقدر بحوالي 400 مليون دولار.
وقد يكون مستوى هذا الدين العام الأجمالي(40% من الناتج المحلي تقريباً) أقل مما هو عليه في بلدان مجاورة كثيرة الا أن خصوصية الوضع الفلسطيني تجعله يبدو كبيرا ولا يجوز تجاهله. • ويبقى ألأهم من الإقتراض، هو كيفية توظيف الأموال المقترضة والقدرة على السداد.
الخيارات المالية الممكنة !! • الخيارات المتاحة لأي دولة لحل أزمتها المالية، تتمثل في: • زيادة الايرادات المحلية (الضريبية وغير الضريبية). • التقشف في النفقات العامة، من خلال إعادة جدولتها على قاعدة ”الأولى فالأولى“، أو من خلال تحسين كفاءة الإنفاق ووقف هدر المال العام. ويجب الإشارة هنا الى أن هناك فرق بين ”التقشف“ و“الترشيد“. • الإقتراض الإضافي حسبما تسمح به القوانين والأنظمة النافذة، وذلك إمَّا من خلال السوق المصرفي أو السوق المالي. • إستقطاب مساعدات دولية طارئة.
ولكن السؤال الجوهري هو : أي من هذه الخيارات متاحة وممكنة للسلطة الوطنية الفلسطينية؟ • زيادة الإيرادات هو خيار ممكن ولكن بحدود. فلا يمكن أن يصل العبء الضريبي في مناطق السلطة الى 75% من الناتج المحلي لتمويل كامل النفقات الجارية. والأهم يجب مراعاة قاعدتي ”العدالة“ و“التحفيز الإقتصادي“ عند فعل ذلك. وما الجدل الذي أثير مؤخراً حول قانون الضريبة الجديد إلاّ دليلاً مطلقاً على عدم واقعية هذا الخيار. • التقشف هو خيار مطلوب وملح وله قيمتين إحداهما إقتصادية والأخرى أخلاقية. ولكن هذا الخيار بشكل عام غير شعبوي وغالباً ما يلقى معارضة شديدة. وفي الحالة الفلسطينية فإن هذا الخيار مقيَّد بخصائص الإنفاق الجاري أيضاً.
الإقتراض الإضافي هو خيار غير متاح حالياً للسلطة لأسباب عدة هي: • أن قانون الدين العام يحدد في مادته الخامسة سقفاً على الدين العام مقداره 40% من الناتج المحلي الإجمالي. • إن التوسع في الإقتراض المحلي له آثار إقتصادية سلبية ناجمة عن مزاحمة القطاع العام للقطاع الخاص على الموارد المالية المتاحة. • إن التوسع في الإقتراض المصرفي المحلي سيزيد مما يُعرف ”بمخاطر التركز الإئتماني“. • أما الإقتراض عن طريق إصدار سندات في إكتتاب خاص أو عام قد يكون ممكناً وجذاباً وخصوصاً في أوساط الشتات الفلسطيني الثري. ويمكن لهذه السندات أن تستند الى أساسيْ العوائد الإقتصادية والمسؤولية الوطنية معاً. ولكن يستدعي ذلك إما تعديل قانون الدين او تحقيق نمو اقتصادي كافي لذلك.
إستقطاب مساعدات دولية إضافية (منتظمة وطارئة) قد يكون خيار متاح عربياً وإسلامياً ولكن خيار محدود دولياً في ظل إنسداد الأفق التفاوضي وبالمقابل تصاعد إحتمالات المواجهة مع إسرائيل. ويدعم هذا الخيار توصية الاجتماع الوزاري العربي قبل أسبوع بمساعدة السلطة بحوالي 100 مليون دولار شهرياً. • وعليه، فإذا كانت جميع هذه الخيارات هي ضرورية لسياسة مالية وطنية مستدامة وكفوءة فإن أي منها هو قطعاً غير كافي بمفرده لتحقيق ذلك. • وأخيراً, اتمام المصالحة و إنهاء الإحتلال هما شرطان ضروريان لنجاح هذه السياسة.