500 likes | 934 Views
مخرجات التعليم العالي وسوق العمل في الدول العربية جامعة الكوفة مثلا. د. عباس علي الفحام. الملتقى العربي/ المملكة البحرينية / المنامة. جامعة الكوفة. ينطلق البحث في دراسته من محورين يتعلق أحدهما بالآخر هما :. المحور الأول : أهداف الجامعات ومخرجاتها. المحور الثاني:
E N D
مخرجات التعليم العالي وسوق العمل في الدول العربيةجامعة الكوفة مثلا د. عباس علي الفحام الملتقى العربي/ المملكة البحرينية / المنامة جامعة الكوفة
ينطلق البحث في دراسته من محورين يتعلق أحدهما بالآخر هما : المحور الأول : أهداف الجامعات ومخرجاتها المحور الثاني: آليات الأساليب والمناهج في مخرجات التعليم العالي
مقدمة تتسابق البلدان المتحضرة في عالم اليوم من أجل بناء بنى تحتية محكمة في مجالات التعليم العالي منطلقين من نظرية علمية وعملية في آن معا هي أن الجامعات مصانع توليد للعقول تمكن المجتمع من النمو والاستمرار في التطور كونها ترفده بمختلف الخبرات العلمية التي من شأنها حل ما يعترض طريق نموه المطرد بشكل علمي بأقصر السبل وبأخصر الوقت ، ومن هنا تجد الحكومات في تلك البلدان ترصد ميزانيات مالية للتعليم العالي والبحث العلمي ما يعادل أحيانا مجموع ميزانيات دولة بأكملها في العالم النامي من بلدان المنطقة العربية والشرق الأوسط .
كل ذلك من الإيمان بأن الطاقة تولد الطاقة والخبرة تنجب الخبرةضمانا لاستمرار النوعية في مختلف تفاصيل الحياة المعقدة في عالم اليوم المتسابق الخطى ولذا نجد التعليم العالي عالي المستوى بشكل منقطع النظير في بلدان الدول الغربية ولا يمكن مقارنته في بلداننا فهم متقدمون في مجال الالكترونيات ووسائل الاتصال الحديثة ونظم المعلوماتية ومجالات الهندسة والهندسة الوراثية والتعليم الطبي والاقتصادي والسياسي والمالي والمصرفي والاجتماعي وحتى في مجالات اللغة والدراسات الشرقية أصبحنا نستورد منهم نظريات علم اللغة ومناهج النقد الحديث من أين جاء كل ذلك ؟ وكيف تأتى لها هذا التطور ؟ إنه ببساطة من العناية المستمرة بالعقل الإنساني ورعاية الخبرات الأكاديمية وتشجيع البحث العلمي الأصيل القابل للتطبيق .
المحور الأول : أهداف الجامعات ومخرجاتها لا ريب في أن الإجابة الواضحة المعالم على هذا السؤال يوفر علينا جهدا كبيرا، لأن فلسفة الجامعات في العراق قد شوشت لدى السياسة التعليمية للدولة العراقية لأسباب عدة وقاهرة مر بها المجتمع العراقي قسرا كنتيجة طبيعية لأكثر من أربعة عقود حساسة من سياسات الحزب الواحد ودكتاتورية الفرد ، الأمر الذي أثر سلبا وبشكل مباشر على مجمل فلسفة التعليم العالي فتاهت في خضم هذا التشويش الأهداف المرجوة من الجامعات، فأصبحت في أزمان الحرب الطويلة التي مر بها المجتمع العراقي والأكاديمي ملاذا قانونيا للائذين من جحيم الحروب بدلا من أن ما الهدف من الجامعات ؟
يكون مطمحا معرفيا وإبداعيا. ومن تداعيات ضياع الأهداف أيضا أصبح الهم مجرد تخريج أفواج من الطلبة أو إرسالهم إلى مصانع التصنيع العسكري وعسكرة المجتمع ، بعبارة ثانية تجميع بشري فقط ، ولكن بمواصفات الحد الأدنى من المعرفة . وهكذا على مر العقود تحولت الجامعات العراقية إلى معسكرات حقيقية ليس فيها الأهداف التي أقيمت من أجلها، وبذلك فقدت جوهرها وحتى تأثيرها ، مما سبب تراجعا حادا في مستويات التحصيل العلمي فضلا عن غياب المناهج الحديثة وما وصلت إليه الجامعات المتقدمة في المجالات العلمية بسبب الحصار الذي دام طويلا.
واليوم للأسف ورثنا هذا الضياع وسرنا بالمتاهة ذاتها من غير قصد لأن إعادة الأهداف الحقيقية للجامعات بعد ضياعها ليس بالأمر السهل فالمجتمع والفرد تعود على تخريج الكم لا النوع. ولكل ذلك ثمة أسئلة كثيرة تثير الجدل تشتق من سؤال المحور الأول: فهل الجامعات معنية بالتعليم المجاني لكل المجتمع من دون مراعاة لنسب القابلية والذكاء؟ أليست الجامعات مصانع تفريخ للعقول ,أليس هدفها إعداد كوادر علمية مختلفة ترفد المجتمع بالخبرات والطاقات القيادية ؟ إذن لم لا يعمل بغربلة القادمين إلى الجامعات ؟لم لا يتم وضع سقف عال للمعدل يجعله ليس سهل المنال ليكون مدعاة للجد والاجتهاد وسبيلا للابتكار وفرز الطاقات الشبابية ؟
بعبارة ثانية ينبغي جعل الجامعة طموحا عاليا لا يتاح إلا للمؤهلين للإبداع مثلما هو الحال في الجامعات الغرب من الكرة الأرضية التي يفخر خريجوها أن شهادتهم منها. اليوم جامعتنا تشكو من ترهل في أعداد القبول ترهلا حول أهدافها من الإعداد الأمثل للكوادر العلمية إلى مجرد التخريج وهذا يخلق الطاقة الإبداعية البناءة التي يرتقب منها بناء الوطن والإنسان . ولعل اللجوء إلى التعامل بلغة الأرقام والبيانات الإحصائية ما يوضح لنا حجم هذا الترهل الذي يشكل عبئا غير معقول على كاهل الدولة والمجتمع . لان ما يجري اليوم هو خلط كبير لأفواج من خريجي المدارس الإعدادية
مفروض على الجامعات قبولهم فرضا أضاع القدرة على فرز الطاقة الخلاقة من بينها بل تعقدت المشكلة فامتدت إلى تأهيل كوادر غير فاعلة في كثير من الأحيان في الدراسات العليا . ففي العراق اليوم أكثر من 17 جامعة حكومية تقبل وتخرج أفواجا من الطلبة العاطلين أكثرهم عن العمل بسبب غياب التنسيق بين متطلبات السوق وفلسفة الجامعات. ولو أخذنا جامعة الكوفة أنموذجا لبيان أعداد الطلبة المقبولين والخريجين بشكل إحصاءات لظهر جليا قياس البطالة:
أعدادالطلبةالمقبولينفيالدراساتالأولية(الصباحية +المسائية) للمدة (2005/2006 – 2009/2010)
أعدادالطلبةالموجودينفيالدراساتالأولية(الصباحية+المسائية)أعدادالطلبةالموجودينفيالدراساتالأولية(الصباحية+المسائية) للمدة (2005/2006 – 2009/2010)
يوضحتطورأعدادالطلبةالمتخرجينفيالدراساتالأوليةيوضحتطورأعدادالطلبةالمتخرجينفيالدراساتالأولية للمدة (2005/2006 – 2008/2009)
تطور أعداد الطلبة المتخرجين في الدراسات الأولية للمدة ( 2005/2006 – 2009/2010 )
أعداد الطلبة المقبولين في الدراسات العليا للمدة (2005/2006 – 2009/2010)
أعداد الطلبة المتخرجين في الدراسات العليا للمدة (2005/2006 – 2008/2009)
أعداد الطلبة في الدراسات الأولية ( الصباحية +المسائية ) والدراسات العليا للمدة ( 2005/2006 – 2009/2010 )
يضاف إلى كل ذلك غياب التنسيق المتبادل بين مؤسسات وزارة التعليم العالي والوزارات الأخرى، ولاسيما وزارة التربية مع التعليم، إذ كل منهما تكاد تعمل بمعزل عن الأخرى، بينما المعادلة يجب أن تكون على النحو الآتي: تخطيط التربية والتعليم------- تزود تخطيط التعليم العالي بمخرجاتها------ والأخير ينسق مع------ الجامعات ويضع خطة قبوله الطاقة الاستيعابية لها تلك القائمة على احتضان النوع لا الكم مع الأخذ بالاعتبارات الآتية • الجامعة ليست معنية بقبول كل الأعداد • الجامعة هي التي تضع سقف المعدل التنافسي • إلغاء القبول المركزي وإحلال قبول الجامعة ذاتها محله
كل ذلك من اجل ضمان تحقيق الأهداف المثلى في إعداد الكوادر الحرفية العلمية المثلى التي تستطيع فعلا أن تغذي مفاصل الدولة ومؤسساتها المختلفة بالخبرات والطاقات العلمية والتي لا تحتاج إلى تأهيل وإدخال دورات مستمرة في المستقبل وما أشبه ذلك من المصطلحات التي توحي بأن خريجينا ليسوا بالكفاءة المطلوبة كما هو الحال في مخرجاتنا دائما.
المحورالثاني: آلياتالأساليبوالمناهجفيمخرجاتالتعليمالعالي إذا تذكرنا قاعدة منطقية مفادها ((إن المقدمات الصحيحة تصنع نتائج صحيحة )سوف نؤمن يقينا بأن سبل التعليم من الأستاذ والمنهج الدراسي يمكن أن تسمى (مقدمات ) وأن المتلقي – وهو هنا الطالب – يمكن أن نسميه نتائج ،وبهذا سوف نتمكن من تشخيص المشكلة ليسهل علينا حلها0 وعلى هذا لست أشك في أن صناعة الطالب المبدع بيد الأستاذ المبدع والمنهج المبتكر ،فهل اليوم نحن نمتلك هذين المقومين لإنتاج المخرج المبدع ؟إذن لنبحث فيهما.
آليات النتاج الإبداعي أولا/ التدريسي وهو نتاج الجامعي يؤشر إبداعه إبداعها وإخفاقه إخفاقها، ومقياسها هو في نتائج الطالب المبدع ،فما المعالجة الآنية؟ • تحديث المعلومات على وفق التسارع العلمي العالمي ومتطلبات السوق. • الاحتكاك المستمر بالأستاذ الرصين في الجامعات العالمية الرصينة وتقديم
وضع محددات جديدة لمعايير الإبداع العلمي تأخذ بعين النظر أولا كفاءته وتميزه في درسه وبين طلابه ،وانطلاقا من مبدأ أن المحاضرة عبارة عن بحث رصين وعميق ويتم اعتماد برنامج توثيقي لذلك بالصوت والصورة وبذا سيتم تحقيق جملة كبيرة من أهداف الإبداع بالنسبة للأستاذ وستفرض عليه تحديث معلوماته والامتناع عن تقديم المعلومة الساذجة0 • النظر في تشريع التوظيف للكادر التدريسي على أساس الجودة في العمل وليكن تمديد توظيفه كل خمس سنوات يراعى فيها ما قدم من نتاج علمي في المحاضرة البحثية أو المؤلف العلمي بل حتى مراقبة مخرجاته ومتابعته في مؤسسات المجتمع والدولة.
امتزاج النظرية بالتطبيق فلم يعد مقبولا أن يكون التدريسي مجرد منظر ،ومن هنا ينبغي إيجاد الوسائل التطبيقية التي تربط العلم بسوق العمل بغية التأثير في المتلقي وإحداث واقع أكاديمي فعلي في المجتمع مثل وجوب أن تكون الأبحاث العلمية قابلة للتطبيق بحيث ينتفع بها المجتمع وتستثمر في خدمته0 • توفير المناخ المعاشي اللائق لقطع الحجة وضمان الإبداع بجعل عقل التدريس مشغولا بهم الابتكار الإبداع لا بهم المعيشة وتفاصيلها ،والحق أن في جزء كبير من ذلك قد تحقق في العراق فاليوم يستطيع الأستاذ الجامعي أن يحلق في مجالات الإبداع وإن كان الطموح أكبر.
ثانيا/المنهج (النظام والمقرر): وهو خارطة الطريق التي يمضي على جادتها التدريسي مادته ليستقبلها الطالب بوضوح ويسر ،فهل المنهج في جامعتنا متوافق وما يشهده العالم اليوم من تسارع في الخطى العلمية؟ من يقرر المناهج في الجامعات الوزارة أم الجامعة أم الكلية أم القسم العلمي أم الأستاذ ؟ لمن الأولوية لو أردنا التقييم الصحيح وبناء المقدمات السليمة؟ في كثير من هذه الإشكالات يرتبط بفلسفة التعليم العالي في العراق ولا نستطيع الإجابة الواضحة إلا إذا استقلت الجامعات بنفسها في صنع
قراراتها ووضع المناهج العلمية على وفق رؤيتها لمجتمعها أولا وكادرها التدريسي ثانيا وفلسفة أهدافها . فعلى صعيد جامعة الكوفة – مثلا عند تعميمنا لدراسة متطلبات التخرج اختلفت الرؤى من كلية إلى أخرى بحسب النظرة إلى إستراتيجية الكم والكيف كما اشرنا فثمة كليات مثل (العلوم ,القانون ,التربية للبنات (اللغة العربية )ترى بعدم اختزال الوحدات الزمنية الأسبوعية وبعضها مثل (الهندسة ,التربية الأساسية ,الصيدلة )تفضل تقليل الساعات اليومية وإضافة الأنشطة اللاصفية إليها ,غير أن مما يلفت النظر شبه الاتفاق بين الكليات (عدا كلية الرياضيات والحاسوب )على إقرار النظام الفصلي بدل السنوي بغية إتاحة فرصة اكبر للمعرفة وتنويع المقرر الدراسي
وملخص كل ذلك نرى أن اعتماد النظام الفصلي يحقق جملة كبيرة من الأهداف المعرفية ,وتقليل الساعات اليومية يعد سبيلا للتدرج التي توخي النوع المعرفي . هذا من جهة النظام التدريسي ,أما من جهة المقررات والمناهج المعتمدة فيمكن تلخيص رؤيتنا على وفق الحقائق الآتية: 1 – حاجة المجتمع وسوق العمل ولو تكلمنا بلغة الأرقام فيما يخص جامعة الكوفة مثلاً لبان أن تشريع بعض الكليات التي من المفروض أن ترتبط بسوق العمل غائب تماماً عن التطبيق أو الاستثمار للطاقات المتخرجة، مثل كلية الإدارة والاقتصاد، كلية العلوم، كلية الهندسة وكلية الزراعة .... وفيما يأتي جدول يبين ذلك:
الطلبةالمقبولينفعلاًللفترةالزمنية (2005/2006 – 2009/2010)
تسارع النمو ألمعلوماتي وتفجر الثورة المعرفية نظر إليها ككل واحد • طاقة الكادر الجامعي ومن امتزاج كل ذلك واحد ينبغي الإقرار بضرورة تحديث مناهجنا التعليمية ومقرراتها لتراعي فاعليتها وتأثيرها وحتى لا تنفصل مخرجاتنا عن مجتمعها . وخلاصة الأمر ينبغي تحديث المناهج والآليات الجامعية على اساس ارتباط الجامعات بحاجة المجتمع وما يستطيع أن يلبي سوق العمل فعلا. وهذا الأمر يسحبنا إلى البحث في فلسفة التعليم العالي وإعادة صياغته.
فلسفة التعليم العالي لماذا خصصت وزارة كاملة ومستقلة بالتعليم العالي في العراق ؟ ما منطلقاته ؟ وكيف شرع قانون التعليم العالي لفتح الجامعات ؟ هل ثمة إستراتيجية واضحة لدى الأستاذ والمسؤول والطالب حول أهداف التعليم العالي في قاعة الدرس وفي أروقة الجامعات ؟
تلك مجموعة أسئلة مشروعة تضمن الدخول في فلسفة التعليم العالي ، ومن مفردة ( العالي ) يمكن تبيان أن المراد به إسباغ صفة العلو التي تعني بذل الجهد الاستثنائي من أجل الصعود إليه والوصول لابتغائه ، وجوهره يكمن في مجموعة من الصفات غير السطحية التي من شأنها أن تصنع العقل الواعي المتدبر المستنتج والمحلل ، وتعني مفردة (البحث العلمي ) من جهة أخرى صفة هامة هي ( العمق ) في إعطاء المعلومة وتقديمها بالشكل المقنع ، وأقول مقنع لأنها إن لم تكن كذلك ستزول من الذهن لأنها ستنتهي عند حدود أداء الاختبار ولن ينتفع بها حاملها ولا المجتمع الذي ينتظر استثمار هذه الطاقات المرتقبة ، والعمق يتقاطع بشكل كبير مع السذاجة والسطحية فهي صفات متنافرة معه ولا تجتمع أبدا وهنا يحق لنا السؤال الآتي :
هلمستوىمايقدممنمعلومات – لاسيماالعلمية – إلىالمتلقيمقنعةوعميقةفيجامعاتنا؟ لأن في جوهر التعليم العالي نبذ الضحالة ، ونحن لن نستطيع أن نكون مؤثرين فعلا إلا إذا طرقنا معلومة غير مألوفة من المادة المألوفة ، وهي بعبارة ثانية تعني القدرة على العرض والابتكار في (مفاجأة ) المتلقي بلفت نظره إلى تقديم المستغرب مما هو معتاد ، وهذا الأمر يجرنا بالضرورة إلى مجموعة من الحقائق تتعلق بمقدم المادة ( التدريسي ) تلزمه على الأخذ بها ويمكن إجمالها على النحو الآتي :
أولاً :- الانصهار الكامل في المادة المعطاة والذوبان فيها ليسهل تمثلها وعرضها بإحاطة كاملة دون الاتكال على ( المادة المكتوبة الجاهزة ) . ثانياً :- توخي الأسلوب المبتكر غير المكرر باستخدام الوسائل المرئية الحديثة لأن العالم العلمي اليوم قائم على الحس والمشاهدة .
ثالثاً :- التحديث المستمر للمعلومات والإيمان بأن الحقائق العلمية اليوم باتت متسارعة الخطى لا تؤمن بالجمود والاكتفاء بالخزين المعلوماتي القديم . رابعاً :- تطبيق معايير الجودة الشاملة المعمول بها اليوم في الجامعات العالمية.
ثالثا : الكم والكيف إن الكم والكيف يتناقضان ، فالكثرة على إطلاقها تنتج العشوائية والنوعية على إطلاقها تسبب الانقراض أحيانا . ولكن من زاوية أخرى يمكن الربط بينهما على أساس آخر هو أن نقدم الكيف أولا ونرسخ جذوره ليمتلك سبل البقاء وليقاوم عوامل الفناء ثم نعمل على ديمومته وتكثيره بذلك نضمن كثرة نوعية فاعلة ومؤثرة . من هذا المبدأ تجد النوعية إذا امتلكت مثل هذه الصفات ستعمل على تغيير الكثير من القضايا التي اعتقدت البشرية – مثلا - في مرحلة ما من تاريخها أنها ثوابت ، مثل بعث الأنبياء والأولياء الصالحين .
وفي مجال التعليم العالي مثل ذلك إلى حد ما ، ولعل واحدا من أسرار النجاح في الجامعات الغربية هو أنه بعيد المنال فهو عال على كل أحد فعلا ، بعبارة أخرى يدفع له الأموال للالتحاق به ، بينما هو في الدول المركزية سهل المنال الكتاب مجاني الدخول مجاني وكل شيء مجاني ، حتى أصبح الطالب لا يشعر بقيمة ما عنده لسهولة توافره بين يديه . و لا يفهم من هذا الطرح أنني أدعو إلى أن يكون التعليم العالي طبقيا مقصورا على الأغنياء فحسب ، بل أبتغي إيجاد السبل الكفيلة لإدخال عناصر النوعية في الطاقات الشبابية المناسبة للتلقي في مجالات التعليم العالي ، فليس بالمحتم على الدولة والمجتمع معا إدخال جميع الخريجين من المدارس في الجامعات من دون فرز الطاقات ، إذ يجب مراعاة الفوارق ونسب الذكاء .
ومن المعلوم أن الفكر الشمولي القائم على حصر الأطراف وشدها إلى مركز واحد يحارب النوع دائما لذلك بنيت فلسفة التعليم بشكل عام في العراق على الأساس الكمي وعلى حساب الكيف والنوع والتخصيص كنتيجة طبيعية للدكتاتورية وتحشيد الكثرة المطبلة الغالبة بطبيعتها البدائية . رابعا : نظرة في طرق المعالجة يمكن تخصيص مجموعة من النظرات المتأنية واعتمادها سبل معالجة بعيدة المدى على الصعيد الزمني ، تتضمن ما يأتي : • تقليص الدخول المجاني إلى الجامعات .
اعتماد التوظيف الدائم على أساس الجودة في الأداء ، إذ من أسباب الإخفاق في التعليم العالي أن أسلوب التوظيف لكوادره المختلفة يوحي بالاستكانة والدعة المتناقضين مع حالة الغليان العلمي والجد في البحث . • اعتماد نظام التعليم الذاتي بدل التعليم التلقيني الإلقائي في الجامعات العراقية . • فرض أسلوب المحاضرة البحثية في قاعة الدرس وتجنب الأسلوب الإملائي الشائع في المحاضرات إلا فيما يجب وباقتضاب. • فرز الطاقات الشبابية من المتلقين واحتضانهم وإرسالهم إلى الجامعات المتطورة في العالم لإكمال مشوارهم الدراسي .
إيجاد معايير جديدة للإبداع العلمي بالنسبة للأستاذ قائمة على أساس إبداعه أولا في قاعة الدرس وقدرته على إيصال المعلومة في أقصر طريق وأيسره ، ويتم متابعة ذلك بالتوثيق بالصوت والصورة واعتماد نظام المحاضرة المفتوحة المباشرة التي يمكن نقلها على الفضاء الالكتروني ومن دون حواجز وعلى أساس كل ذلك يكون هذا المعيار الجديد الحيوي لاعتماد جودة الأستاذ وتقدير كفاءته . • تحديث المناهج العلمية بما يوافق حركة العصر ومتطلبات سوق العمل وجعل النظرية قابلة للتطبيق بشكل كبير .
خلاصة الرؤية : يعتمد تطوير التعليم العالي في العراق على صعيد السنوات القادمة على الأقل على محورين هما بحسب الأهمية : أولا : تطوير الآلة العلمية للأستاذ وتحديث المنهج على وفق رؤية العصر وسوق العمل. ثانيا : فرز الطاقة الشبابية للمتلقي واحتضانها وتنميتها .